كشفت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست الأميركيتان، نقلاً عن مصادر أميركية وإسرائيلية، أن الهجوم الجوي الأميركي الواسع الذي استهدف منشآت نووية إيرانية، فجر الأحد، لم ينجح في تدمير منشأة فوردو الحصينة بشكل كامل، رغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بها، فيما أشارت تقارير استخباراتية إلى أن إيران نقلت معدات حساسة ومواد نووية من المنشأة قبيل الضربات.
فوردو لم تُدمّر بالكامل جراء الهجوم الأمريكي
نقلت نيويورك تايمز عن مسؤول أميركي أن الجيش الأميركي أسقط 12 قنبلة خارقة للتحصينات على موقع فوردو، لكنها لم تكن كافية لتدميره بالكامل، رغم إحداث “أضرار بالغة”. ووفق مسؤولين إسرائيليين تحدثوا للصحيفة، فإن منشأة فوردو تعرضت “لأضرار جسيمة” لكن لا تزال بعض بنيتها تحت الأرض قائمة.

وبحسب هذه المصادر، يبدو أن طهران سبقت الهجوم بإجراءات احترازية، تمثلت في نقل اليورانيوم المخصب ومعدات أساسية من الموقع، دون أن تُعرف الوجهة الجديدة.
تحركات لافتة قبل الهجوم
وفي سياق متصل، كشفت واشنطن بوست أن صور الأقمار الصناعية الملتقطة يوم 19 يونيو/حزيران الجاري أظهرت حركة غير اعتيادية للشاحنات والمركبات داخل وحول منشأة فوردو. وأوضحت الصحيفة أن 16 شاحنة شوهدت على الطريق المؤدي إلى مجمع عسكري تحت الأرض، في مؤشر على استعداد إيراني محتمل قبل الضربات.
اقرأ أيضًا:
تفاصيل قرار الضربات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية بأوامر من ترامب
وزير الخارجية الأميركي: “الوضوح يحتاج لأيام”
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في تصريحات لشبكة CBS، إن تقييم ما إذا كانت إيران قد نجحت بالفعل في نقل مواد نووية قبل الهجوم “قد يستغرق عدة أيام”.
بدورها، نقلت وكالة رويترز عن مصدر إيراني، أن “معظم اليورانيوم عالي التخصيب” تم نقله إلى موقع غير معلن قبل الضربات، مشيراً أيضاً إلى تقليص عدد العاملين في منشأة فوردو إلى الحد الأدنى.
تفاصيل العملية: “مطرقة منتصف الليل”
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن العملية العسكرية التي نفذتها قاذفات “بي-2” الشبح فجر الأحد استهدفت منشآت نطنز وفوردو وأصفهان النووية، في عملية وُصفت بأنها “الأكبر من نوعها” ضد أهداف تحت الأرض.
وقال البنتاغون إن عملية الهجوم استمرت 25 دقيقة فقط، وتم خلالها إسقاط أكثر من 182 طناً من المتفجرات عبر استخدام 75 سلاحاً موجهاً. كما كشف بيان الوزارة عن استخدام 14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز جديد، تزن كل واحدة منها 13.6 طناً، جرى تحميلها على 7 قاذفات “بي-2”.
وأطلق الجيش الأميركي على العملية اسم “مطرقة منتصف الليل”، وذكر رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال دان كين، أن العملية اعتمدت بشكل كامل على عنصر المفاجأة، مؤكداً أن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية فشلت في رصد القاذفات خلال تنفيذ الضربات.

رسالة واضحة: حماية إسرائيل لا إسقاط النظام
قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، في مؤتمر صحفي من البنتاغون، إن “الضربات كانت دقيقة ومباشرة وحققت نجاحاً مذهلاً”، مضيفاً أن الهدف منها “ليس إسقاط النظام الإيراني، بل حماية إسرائيل ومنع تقدم البرنامج النووي الإيراني”.
في ذات المؤتمر، أكد قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايك كورولا، أن الجيش الأميركي “استغل نقاط ضعف المنظومة الدفاعية الإيرانية ونجح في إرباكها”، مشدداً على أن الولايات المتحدة في “أعلى درجات الجاهزية لأي رد محتمل من طهران أو من وكلائها في المنطقة”.
تصعيد غير مسبوق بين إيران وإسرائيل
وتأتي الضربات الأميركية في سياق تصعيد غير مسبوق بدأ منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، حيث شنت إسرائيل هجمات مكثفة استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية إيرانية، كما اغتالت قادة بارزين في الحرس الثوري وهيئة الأركان، إضافة إلى علماء نوويين.
وردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية على مدن إسرائيلية، تسببت في دمار واسع النطاق.
وبعد أيام من الغموض، دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة بشكل مباشر، باستهدافها أبرز مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، وهو ما اعتبرته طهران تصعيداً خطيراً.
الحرس الثوري يتوعد بالرد
في أول رد فعل رسمي، توعّد الحرس الثوري الإيراني برد “خارج الحسابات التقليدية”، دون تحديد طبيعة الرد أو توقيته، مما يعزز المخاوف من اتساع رقعة المواجهة إقليمياً.
الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية يفتح فصلاً جديداً من التصعيد في الشرق الأوسط، وسط تساؤلات حول المدى الذي قد تبلغه هذه المواجهة، واحتمالات دخول أطراف دولية أخرى على خط الأزمة، التي تهدد بإشعال المنطقة بأكملها.