في تصعيد مثير للقلق على الساحة الدولية، كشفت تقارير إعلامية أن كوريا الشمالية تُسرّع من وتيرة تطويرها لأسلحة كيميائية مخصصة للاستخدام الميداني، ضمن استعداداتها لخوض حرب شاملة محتملة.
وبحسب ما نقلته صحيفة «التلغراف» البريطانية، عن مسؤول رفيع في النظام الكوري الشمالي تحدّث لصحيفة «ديلي إن كيه»، فإن بيونغ يانغ أكملت بالفعل تجارب إطلاق صواريخ باليستية مزوّدة برؤوس كيميائية، وتستعد لنشر هذه الأسلحة ضمن وحدات منتقاة من قوات الخطوط الأمامية.
وأكد المسؤول أن النظام يرى في الأسلحة الكيميائية وسيلة “أكثر واقعية” للاستخدام الفوري في ساحة المعركة، إلى جانب قدراته النووية، مضيفًا أن هذه الأسلحة تُعدّ “عنصرًا استراتيجيًا” في الخطة العسكرية التي تسبق استخدام الأسلحة النووية.
استراتيجيات تصعيدية وتوسّع في الإنتاج
بحسب الوثائق العسكرية الداخلية التي اطّلعت عليها صحيفة «ديلي إن كيه»، تُصنّف بيونغ يانغ الأسلحة الكيميائية كأداة مثالية لـ«الرد السريع» في حال اندلاع مواجهة عسكرية، ما يعزز الاعتقاد بأن النظام يعتمد نهجًا تصاعديًا يبدأ باستخدام السلاح الكيميائي، ويتدرّج نحو النووي إذا اقتضت الحاجة.
وتُفيد مصادر مطّلعة بأن النظام الكوري الشمالي، الذي يُقدر أنه يمتلك أكثر من 50 رأسًا نوويًا، يواصل في الوقت نفسه تطوير ترسانة كيميائية «بهدوء وسرعة» دون الإعلان عنها رسميًا، مشيرين إلى أن تلك الأسلحة تحظى بأولوية متزايدة في البنية العسكرية.
وتشير التقديرات الرسمية من كوريا الجنوبية إلى أن بيونغ يانغ تملك ما بين 2500 و5000 طن من عوامل الأسلحة الكيميائية، تتنوع بين غازات الأعصاب مثل «VX» والسارين، والعوامل المسببة للاختناق مثل الفوسجين، إلى جانب الخردل والسيانيد.
يُذكر أن غاز الأعصاب «VX» هو المادة التي يُعتقد أنها استُخدمت في اغتيال كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق للزعيم كيم جونغ أون، في مطار كوالالمبور عام 2017، وسط تقارير عن اعتباره تهديدًا محتملاً للسلطة في البلاد.
ألوية متخصصة ومرافق إنتاج متطوّرة
كشفت التقارير أن كوريا الشمالية ضاعفت بين عامي 2022 و2024 قدراتها التقنية في هذا المجال، من خلال توسيع أنظمة الخلط الدقيق، وزيادة عدد خطوط الإنتاج الآلي بالكامل.
ويدير برنامج الأسلحة الكيميائية في البلاد “مكتب الدفاع النووي والكيميائي”، الذي يتبع الجيش الكوري الشمالي مباشرة، ويُشرف على سبعة ألوية متخصصة في الأسلحة الكيميائية، تشمل مهامها الهجوم، والتطهير، والحماية من هذه الأسلحة.
ووفقاً للمسؤول الكوري الشمالي، فإن البلاد تعمل حالياً على تطوير أنواع جديدة من العوامل الكيميائية الحيوية، تهدف إلى شلّ حركة الخصوم مؤقتاً دون التسبب في وفاتهم، وهو تطور يثير مخاوف إضافية بشأن الاستخدام الميداني لهذه المواد.
تهديد مباشر لكوريا الجنوبية
وبينما تبقى شبه الجزيرة الكورية في حالة هدنة رسمية منذ انتهاء الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي، تُواصل كوريا الشمالية التلويح بالتصعيد تجاه جارتها الجنوبية، مع تهديدات سابقة صادرة عن الزعيم كيم جونغ أون باستخدام الأسلحة النووية في حال «الاستفزاز».
ويرى مراقبون أن اعتماد بيونغ يانغ المتزايد على الترسانة الكيميائية يأتي في إطار رغبتها بفرض معادلة ردع جديدة، تكون فيها الأسلحة الكيميائية مكملاً للنووية، وليس بديلاً عنها، وهو ما يُنذر بمخاطر كبيرة في أي تصعيد محتمل مستقبلاً في شبه الجزيرة الكورية.
تابع ايضًا..البرلمان الأوروبي يرفض حجب الثقة عن فون دير لاين بأغلبية ساحقة