أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق، الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي في دمشق، عن تقريرها النهائي بشأن أحداث الساحل السوري، والذي وثّق سلسلة من الانتهاكات والاعتداءات التي شهدتها محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة بحق المدنيين والمؤسسات الحكومية ورجال الأمن والجيش، خلال الفترة الممتدة حتى مارس 2025.
وأكدت اللجنة أنها اعتمدت في تحقيقاتها على الرصد الميداني، جمع الإفادات، فحص الأدلة الرقمية، وزيارات ميدانية شملت 33 موقعًا، بما في ذلك المقابر وأماكن الدفن، بحضور المخاتير ورجال الدين وممثلي العائلات، بهدف ضمان الشفافية والموضوعية.

938 إفادة وشهادات تكشف حجم الانتهاكات بأحداث الساحل السوري
أوضحت اللجنة أنها دونت 938 إفادة من ذوي الضحايا والشهود، بينها 452 إفادة تتعلق بحوادث قتل، و486 حول السلب المسلح، حرق البيوت والمحال، أو وقائع التعذيب. كما استمعت اللجنة إلى 23 إحاطة من مسؤولين حكوميين، واستجوبت عددًا من الموقوفين المشتبه بتورطهم، تمهيدًا لإحالتهم إلى القضاء.
وأشارت إلى أنها عملت بالتنسيق مع الأمم المتحدة والجهات الدولية المعنية، متبعة معايير الاستقلالية والحياد والسرية في التحقيق، وأعدت قوائم بأسماء المشتبه بهم (265 شخصًا)، معتمدة على الاشتباه المدعوم بالأدلة المتوفرة.
الفلول نفذوا هجمات دامية في مارس 2025
كشف التقرير أن الوضع في الساحل السوري كان مستقرًا حتى 6 مارس 2025، حينما نفذت مجموعات مسلحة تُعرف بـ”الفلول”، المرتبطة ببقايا نظام الأسد، هجمات واسعة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة استهدفت مقرات الجيش والأمن والحواجز، ما أدى إلى مقتل 238 عنصرًا من الأمن العام والجيش في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، بينهم من قُتل بعد الاستسلام أو أثناء تلقي العلاج أو وهم أسرى، ودُفن بعضهم في مقابر جماعية.
كما أكد التقرير أن هذه المجموعات سيطرت على مدن وبلدات رئيسية وقطعت الطرق الدولية بهدف فصل الساحل عن سوريا وإقامة كيان منفصل.
اقرأ أيضًا:
أحداث السويداء تضع دمشق تحت ضغط.. رسائل أميركية حادة وتحذيرات من تكرار الفوضى
آلاف الضحايا وحوادث انتهاكات جسيمة
وفقًا لنتائج التحقيق، وثّقت اللجنة مقتل 1426 شخصًا، بينهم 90 امرأة، ورجحت أن العديد من عمليات القتل وقعت خارج إطار العمليات العسكرية المباشرة. كما رصدت حوادث نهب، حرق وتخريب المنازل، تعذيب، وشتم بعبارات طائفية خلال الفترة من 7 إلى 9 مارس 2025، في القرى المطلة على الطريق الدولي، والتي استخدمها الفلول لاستهداف القوات الحكومية.
وأكدت اللجنة أن الانتهاكات لم تكن منظمة بالكامل، إذ شارك فيها أفراد من فصائل مسلحة، مجموعات مستقلة، متطوعون مدنيون، عصابات للسرقة، وعناصر من الغجر الذين تعاونوا سابقًا مع شبيحة النظام. وتم تحديد 258 شخصًا بأسمائهم الصريحة من بين المشتبه في تورطهم.
اختتمت اللجنة تقريرها بشأن أحداث الساحل السوري بالتأكيد على أن دورها يقتصر على جمع الأدلة وتحديد المشتبه بهم، فيما سيبقى الفصل في الإدانة أو البراءة بيد القضاء السوري.