وسط مشهد سياسي واقتصادي مضطرب، يواصل حزب الله ترسيخ نفوذه السياسي في لبنان عبر استغلال مؤسسات الدولة وتقديم الخدمات الاجتماعية في ظل فساد حكومي متجذر، هذا ما كشفه تقرير نشره موقع “ناشونال إنترست“، الذي أشار إلى أن الحزب، ورغم الخسائر العسكرية التي تكبدها، ما زال يحتفظ بموطئ قدم سياسي قوي، بفضل قدرته على ملء فراغ الدولة في تقديم الخدمات الأساسية.
الخدمات الاجتماعية كسلاح سياسي
وفق التقرير، تعتمد الجماعة اللبنانية على شبكات من المنظمات التابعة لها، مثل “جهاد البناء“، و”المنظمة الصحية الإسلامية“، و“كشافة الإمام المهدي”، لتقديم التعليم، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، وحتى التدريب شبه العسكري للمراهقين، خصوصًا في المناطق الريفية والفقيرة.

هذه الخدمات تضمن للحزب ولاءً شعبيًا مستمرًا، وتُظهره كبديل قادر على تلبية احتياجات المواطنين بشكل أسرع وأكثر فعالية من الدولة.
الانتخابات التشريعية 2026 ومعركة النفوذ
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في 2026، يرى التقرير أن أمام حكومة الرئيس ميشال عون فرصة ذهبية لاستعادة ثقة المواطنين عبر استعادة السيطرة على الخدمات الاجتماعية، وتقليص اعتماد اللبنانيين على شبكات حزب الله.
ويدعو التقرير الولايات المتحدة وحلفاءها إلى خطوات استباقية لدعم بيروت، عبر تمويل مشاريع إعادة الإعمار، وتعزيز قدرة الجيش اللبناني على مواجهة الحزب سياسيًا وعسكريًا.
الفساد كأداة تمكين لـ حزب الله
جزء كبير من عدم الاستقرار الاقتصادي في لبنان يرجع إلى الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، ما يحد من قدرتها على تمويل مبادرات الخدمات العامة.
وأشار التقرير إلى قضية رياض سلامة، الحاكم السابق لمصرف لبنان، الذي وُجهت له في 2024 تهم باختلاس 330 مليون دولار وتهريبها إلى الخارج للاستثمار في عقارات أوروبية.
ورغم أن سلامة ليس منتمياً إلى حزب الله، إلا أن الأخير استفاد من هذا الفساد لتعزيز نفوذه، مستغلاً المناصب الوزارية لتوزيع الموارد بشكل غير متكافئ وتفضيل أنصاره، بما يشبه عمل “حكومة ظل“.
إصلاحات حكومة عون والفرص المتاحة
رغم التحديات، حققت حكومة عون تقدمًا في الإصلاحات، حيث أقرت في أبريل/نيسان الماضي مشروع قانون لإصلاح القطاع المصرفي يعزز الشفافية، وهو مطلب أساسي لصندوق النقد الدولي منذ بدء المفاوضات في 2022.
ويؤكد التقرير أن الشراكات الإقليمية والدولية يمكن أن تسرّع وتيرة الإصلاحات، وتمنح لبنان قدرة أكبر على مواجهة حزب الله قبل الانتخابات.
أزمة البنية التحتية والطاقة
من أبرز التحديات التي تواجه لبنان حاليًا أزمة الكهرباء، إذ يعتمد البلد على المولدات الخاصة لتأمين نحو 90% من احتياجاته، ما يمنح حزب الله فرصة لإظهار قدرته على تقديم حلول بديلة، كما حدث في 2021 حين استورد الأمين العام السابق للحزب شحنات وقود من إيران، متجاوزًا العقوبات الدولية.
اقرأ أيضًا:
الجامعة العربية تدين خطط إسرائيل للسيطرة على غزة وتدعو لوقف العدوان وحماية الشعب الفلسطيني
ويدعو التقرير بيروت إلى استغلال الإعفاء من قانون قيصر للوصول إلى خط أنابيب الغاز العربي، والاستفادة من 250 مليون دولار من البنك الدولي لتسريع إعادة الإعمار، إضافة إلى إحياء المقترح القطري لعام 2024 لبناء ثلاث محطات للطاقة المتجددة تزيد الإنتاج بنسبة 25%.

إيران أضعف… ونافذة الفرصة أوسع
مع دخول المنطقة مرحلة جديدة، وانخفاض النفوذ الإيراني، وسقوط نظام الأسد، وبروز قيادة لبنانية جديدة، يرى التقرير أن الوقت مناسب لاستهداف الخدمات الاجتماعية التي يقدمها حزب الله إذا أرادت بيروت ضمان نجاح جهود نزع سلاحه على المدى الطويل.