كشفت صحيفة التلغراف البريطانية، استنادًا إلى بيانات رادار حديثة لم تُنشر سابقًا، أن إيران تمكنت من تنفيذ ضربات صاروخية دقيقة على خمس منشآت عسكرية إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا، في تطور من شأنه تعقيد الصورة الإعلامية والسياسية التي حاول كل من الطرفين رسمها حول “النصر” في تلك المواجهة.
إيران أطلقت ضربات صاروخية غير مُعلنة
وبحسب التقرير، فإن ستة صواريخ إيرانية أصابت بشكل مباشر خمس قواعد عسكرية إسرائيلية في الشمال والوسط والجنوب، بما في ذلك قاعدة جوية رئيسية، ومركز لجمع المعلومات الاستخبارية، وقاعدة لوجستية. وجرى التعتيم على هذه الضربات إعلاميًا داخل إسرائيل، نظرًا لصرامة قوانين الرقابة العسكرية.

وقد حصلت التلغراف على هذه البيانات من أكاديميين في جامعة ولاية أوريغون الأميركية، متخصصين في تحليل صور الرادار عبر الأقمار الصناعية لتقييم أضرار القصف في مناطق النزاع. وتُعد هذه المعلومة من بين الأدلة القليلة المتاحة حول حجم الأضرار التي ألحقتها الصواريخ الإيرانية، والتي لم يتم الكشف عنها رسمياً من الجانب الإسرائيلي.
أنظمة الدفاع الإسرائيلية نجحت جزئيًا… لكنها لم تكن محصنة
أظهر التحليل أن منظومات الدفاع الإسرائيلية والأميركية المشتركة أدت أداءً جيدًا بشكل عام، لكنّها فشلت في اعتراض ما نسبته 16% من الصواريخ بحلول اليوم السابع من الحرب، وهو رقم يتماشى مع تقدير الجيش الإسرائيلي الذي تحدث عن نجاح بنسبة 87%.
وقد عُزيت هذه الاختراقات إلى استخدام تكتيك مزدوج من الجانب الإيراني، تمثل في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل متزامن بهدف إرباك أنظمة الدفاع.
منشآت استراتيجية ودمار واسع
إلى جانب المنشآت العسكرية الخمس، أشارت الصحيفة إلى أن الضربات الإيرانية شملت مواقع حيوية أخرى، من أبرزها:
- سبع منشآت نفطية وكهربائية.
- جزء من معهد وايزمان للعلوم، أحد أعرق مراكز البحث العلمي في إسرائيل.
- المركز الطبي الجامعي “سوروكا”.
- سبع مناطق سكنية مكتظة، أسفرت عن تشريد أكثر من 15 ألف شخص.
وعلى الرغم من الدمار الواسع، لم تتجاوز حصيلة القتلى الإسرائيليين 28 شخصًا، وهو ما يُعزى إلى كفاءة نظام الإنذار المبكر والاستخدام المنضبط للملاجئ من قبل السكان.
الدعم الأميركي والدفاع متعدد الطبقات
خلال الحرب، اعتمدت إسرائيل على نظام دفاع جوي “متعدد الطبقات”، يشمل:
- القبة الحديدية: لمواجهة المقذوفات قصيرة المدى.
- مقلاع داوود: لاعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ متوسطة المدى.
- نظام حيتس: للتصدي للصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
كما تلقت إسرائيل دعمًا من منظومتين أميركيتين من طراز “ثاد” وصواريخ بحرية أطلقت من سفن في البحر الأحمر. وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة أطلقت ما لا يقل عن 36 صاروخًا اعتراضياً من طراز “ثاد”، بتكلفة تقديرية تصل إلى 12 مليون دولار للصاروخ الواحد.
تصريحات وتحذيرات من الجانبين
رغم التعتيم الإعلامي، قال الصحفي الإسرائيلي رافيف دراكر (القناة 13) إن “عدة ضربات صاروخية أصابت مواقع عسكرية استراتيجية ما زالت طيّ الكتمان”، محذرًا من التقليل من دقة الهجمات الإيرانية.
من جانبه، صرح اللواء علي فضلي، نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، بأن بلاده “في أفضل وضع دفاعي في تاريخ الثورة الإسلامية”، مشيرًا إلى مستوى “الجاهزية العسكرية والتماسك العملياتي” الذي أظهره الجيش الإيراني.
اقرأ أيضًا:
نص مقترح هدنة بين إسرائيل وحماس لمدة شهرين بضمانات أميركية
مخزون إيران الصاروخي تحت المجهر
بحسب مسؤول عسكري إسرائيلي، كان لدى إيران نحو 400 منصة إطلاق تم تدمير أكثر من نصفها، وقدر أن المخزون الإيراني بلغ ما بين 2000 و2500 صاروخ باليستي في بداية الحرب. إلا أن مصادر استخباراتية تحذر من أن طهران تسير بسرعة نحو تبني استراتيجية إنتاج ضخم قد ترفع عدد صواريخها إلى ما بين 8000 و20000 خلال الأعوام القليلة القادمة.
تقييم قادم من جامعة أميركية
أعلن الباحث كوري شير، من جامعة ولاية أوريغون، أن فريقه يعمل حاليًا على تقييم شامل لأضرار القصف في كل من إيران وإسرائيل، وسيتم نشر النتائج خلال أسبوعين، في خطوة قد تُضيف مزيدًا من الشفافية العلمية لحرب اتسمت بقدر كبير من الحرب النفسية والمعلوماتية بين الجانبين.
في ظل الصمت الرسمي الإسرائيلي وتكثيف الحملات الإعلامية من الطرفين، تكشف بيانات الرادار غير المنشورة بعدُ جوانب جديدة من حرب الـ12 يوما، تُظهر تطورًا نوعيًا في القدرات الإيرانية مقابل منظومة دفاعية إسرائيلية لا تزال صامدة، لكنها ليست منيعة.