شهدت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، زيارتين غير مسبوقتين في التوقيت والمضمون، لكل من رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، ونائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس، في إطار جهود دولية وإقليمية مكثفة لتنفيذ المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضمان استمراره ضمن خطة أوسع لإعادة الإعمار ونزع السلاح.
أول زيارة لرئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل في منصبه
وصل اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة المصرية، إلى إسرائيل في زيارة هي الأولى له منذ توليه المنصب.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن رشاد وصل إلى تل أبيب قبل وقت قصير من وصول نائب الرئيس الأمريكي، في زيارة تهدف إلى بحث الخطوات التنفيذية التالية لوقف الحرب على غزة، بعد تثبيت وقف إطلاق النار الأخير.
وعقد رئيس المخابرات المصرية سلسلة من اللقاءات الرفيعة المستوى، شملت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعدداً من كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين الإسرائيليين.
وأوضح بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن اللقاء “تناول سبل المضي قُدماً في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية–المصرية، وبحث قضايا إقليمية متعددة، من بينها مستقبل الأوضاع في غزة”.
كما التقى رشاد رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الجديد ديفيد زيني، في أول لقاء رسمي يجمع زيني بمسؤول أجنبي منذ توليه المنصب.
مصر محور رئيسي في جهود وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن مصر باتت تلعب دوراً محورياً في ترتيبات ما بعد الحرب على غزة، مشيرة إلى أنها كانت الوسيط الأبرز في اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين من قبضة حركة حماس.
وأضافت أن القاهرة استضافت الأسبوع الماضي مؤتمر شرم الشيخ الدولي، الذي حضره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تم الاتفاق على الخطوط العامة لتنفيذ خطة إعادة الإعمار ونزع السلاح، بما في ذلك قيادة قوة دولية تشرف على استقرار القطاع وتقديم المساعدات الإنسانية.

زيارة فانس إشراف أمريكي مباشر على تنفيذ اتفاق غزة
بالتزامن مع زيارة رئيس المخابرات المصرية، وصل نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس إلى إسرائيل على متن طائرة “إير فورس 2”، في أول زيارة رسمية له منذ توليه منصبه.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن فانس جاء “للإشراف المباشر على تنفيذ اتفاق غزة”، برفقة مبعوثَي الرئيس ترامب ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يتوقعون أن تسرّع زيارة فانس “بدء عمل القوة الدولية المنتظرة في القطاع”، خاصة في ظل التفاهمات الأمنية الجارية بشأن البحث عن جثامين الرهائن داخل غزة.
وأوضحت أن الولايات المتحدة تزود آلية المراقبة الدولية بمعلومات استخبارية دقيقة لتسريع عمليات البحث، مشيرة إلى أن فانس سيقوم بزيارة المقر الأمريكي في كريات غات المخصص للإشراف على تنفيذ الاتفاق.
جدول لقاءات فانس في إسرائيل
وفق جدول الزيارة الذي نشرته الصحف العبرية، يبدأ فانس يومه بلقاء مبعوثي ترامب في مطار بن غوريون، ثم يتوجه إلى القدس لعقد اجتماعات خاصة.
وفي الساعة 18:00 مساءً، يعقد مؤتمراً صحفياً مشتركاً، على أن يلتقي غداً الأربعاء كلاً من نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إضافة إلى عائلات الرهائن والناجين من الأسر في غزة.

كما يُتوقّع أن يقوم فانس، وهو مسيحي كاثوليكي متدين، بزيارة كنيسة القيامة في القدس صباح الخميس، قبل أن يتوجه إلى قاعدة الكرياه في تل أبيب، ومنها يغادر إسرائيل.
واشنطن تمنع استئناف الهجوم على غزة
ونقلت مصادر سياسية إسرائيلية عن مقربين من ترامب قولهم إن “الاستراتيجية الحالية للبيت الأبيض هي منع نتنياهو من استئناف أي هجوم شامل على غزة، والحفاظ على مسار الاتفاق القائم”.
وأكدت المصادر أن فانس وويتكوف وكوشنر يتولون إدارة الملف ميدانياً نيابة عن الإدارة الأمريكية، وأن وصول نائب الرئيس الأمريكي يحمل “رسالة واضحة مفادها أن واشنطن تدير الحدث بكامل قوتها السياسية والدبلوماسية”.
اقرأ أيضًا:
بعد التصعيد الأخير بـ غزة| وفد من حماس في القاهرة ومبعوثا ترامب في إسرائيل لبحث مستقبل القطاع
المرحلة الثانية من اتفاق غزة: نزع السلاح وإعادة الإعمار
تتركز اللقاءات الجارية بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي حول التحضير للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، والتي تشمل:
إدخال قوة عسكرية دولية قوامها آلاف الجنود لضمان نزع سلاح حركة حماس.
إزالة البنية التحتية العسكرية من القطاع، وعلى رأسها الأنفاق الاستراتيجية.
بدء مشروع تجريبي في رفح لهدم الأنفاق وإعادة إعمار المناطق المتضررة.
تأمين المساعدات الإنسانية وضمان دخولها وفق آلية رقابة دولية.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن تل أبيب تربط بدء إعادة الإعمار الكامل بتسليم الجثث المتبقية و”تخلي حماس عن سلاحها بشكل فعلي”.

الدور الأمريكي الحاسم في الميدان
وأكدت مصادر إسرائيلية أن الولايات المتحدة هي التي تحدد الإيقاع الميداني في غزة حالياً، مشيرة إلى أنه بعد أمر الرئيس ترامب، الأحد الماضي، بإعادة المساعدات الإنسانية، تراجعت إسرائيل عن التصعيد العسكري وأعادت فتح المعابر، بينما أبقت معبر رفح مغلقاً إلى حين حسم ملف الجثامين.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تعكس تنامي الدور الأمريكي–المصري المشترك في رسم ملامح المرحلة الجديدة في غزة، وسط توقعات بأن الأيام المقبلة ستشهد تحركات ميدانية متسارعة نحو تثبيت الاتفاق وبدء تنفيذ خطوات إعادة الإعمار تحت إشراف دولي مباشر.
