في ظل تصاعد التوتر التجاري بين الهند والولايات المتحدة الأمريكية، واتساع الخلافات بشأن الرسوم الجمركية، تتجه نيودلهي نحو تعزيز علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، بحثًا عن شراكة استراتيجية أكثر توازنًا في وجه الإجراءات الأمريكية الأخيرة.

ألمانيا: شراكة خالية من الحواجز بدلًا من التصعيد
خلال زيارته إلى الهند، دعا وزير الخارجية الألماني، يوهان وادفول، إلى تقليل الحواجز التجارية بين الهند وألمانيا، مؤكدًا أن على البلدين أن يعتمدا نهجًا مغايرًا عن السياسات الحمائية التي تتبعها دول أخرى، مثل الولايات المتحدة.
وقال وادفول، في تصريحات نقلتها شبكة دويتشه فيله، إن “ألمانيا والهند يجب أن تخفضا الحواجز، بينما يقوم آخرون ببنائها”، في إشارة غير مباشرة إلى البيت الأبيض بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الهند تعوّل على أوروبا لمضاعفة التجارة
الهند أعربت عن اعتمادها على ألمانيا لدفع المفاوضات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، في محاولة لمضاعفة حجم التبادل التجاري، الذي بلغ نحو 31 مليار يورو (ما يعادل 36 مليار دولار) في عام 2024، وفق بيانات الحكومة الألمانية.
رغم هذا الرقم، ما تزال الهند في المرتبة 23 فقط على قائمة الشركاء التجاريين لألمانيا، وهو ما تطمح نيودلهي إلى تغييره عبر اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي.
الضغوط الأمريكية تُسرّع المفاوضات الأوروبية
فيما أكد وادفول أن اتفاق التجارة الحرة بين الهند والاتحاد الأوروبي قد يُبرم خلال الأشهر المقبلة، دعا وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، إلى تسريع المفاوضات، رغم التباينات القائمة في الأولويات، ومنها:
-
رغبة الهند في حماية مزارعيها ومنتجاتها الزراعية
-
رفض المعايير البيئية الأوروبية الصارمة
-
التحفظ على آليات تسوية النزاعات القانونية
رسوم ترامب الجمركية تزيد الضغط
تأتي هذه التحركات بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخرًا رسومًا جمركية بنسبة 50% على الواردات الهندية، والتي دخلت حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، ما فاقم التوتر في العلاقات التجارية بين الجانبين.
وكانت الولايات المتحدة قد توصلت إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لخفض بعض الرسوم الجمركية، في حين لم يتم تحديد موعد جديد للجولة المقبلة من المحادثات بين نيودلهي وواشنطن، ما يترك مصير العلاقة التجارية بين البلدين معلقًا.
ملف النفط الروسي وعقوبات أوروبية
وفي تطور آخر، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على الهند، بسبب استمرارها في استيراد النفط الروسي، وهو الملف نفسه الذي أثار حفيظة واشنطن.
من جهتها، وصفت وزارة الخارجية الهندية قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم إضافية بأنه “مؤسف للغاية”، مشيرة إلى أن العديد من الدول تتخذ إجراءات مشابهة خدمة لمصالحها الوطنية.
اقرأ أيضًا:
ترامب يطلب تدخل المحكمة العليا للدفاع عن رسومه الجمركية بعد قرار قضائي بغير قانونيتها
مودي: حماية المزارعين فوق كل اعتبار
لم يعلق رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، بشكل مباشر على التوتر مع واشنطن، لكنه أكد في خطاب ألقاه يوم الجمعة الماضي، أنه لن يسمح بأي سياسات تمس مزارعي الهند ومربي الماشية، واصفًا نفسه بـ”السد المنيع” في وجه الضغوط الخارجية.
“الهند متمردة بعض الشيء” بحسب واشنطن
في المقابل، قال وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، في مقابلة مع قناة “فوكس بيزنس” إن “الهند متمردة بعض الشيء في مفاوضات التجارة”، في إشارة إلى تعنت نيودلهي في بعض الملفات الحساسة بالنسبة لواشنطن، وعلى رأسها الزراعة ومنتجات الألبان.