شهدت أوروبا هذا العام واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في تاريخها الحديث، إذ تجاوزت حرائق الغابات مستويات غير مسبوقة، مع تدمير أكثر من مليون هكتار من الأراضي، لتسجل القارة رقماً قياسياً لم يُرصد منذ بدء جمع البيانات الرسمية.
حرائق تاريخية تلتهم أوروبا
ووفقاً لأحدث تقارير “النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات”، بلغت المساحة المحترقة حتى الآن 2,509,651 فدانًا، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل عام 2017 والذي بلغ حينها 2.47 مليون فدان. وتُعد هذه الأرقام مؤشراً خطيراً على تدهور الأوضاع المناخية وتفاقم تأثيراتها في القارة.

إسبانيا والبرتغال في قلب الكارثة
أظهرت البيانات أن أكثر من 60% من المساحات المتفحمة تتركز في بلدين فقط هما إسبانيا والبرتغال، مما يجعلهما الأكثر تضررًا هذا العام.
في إسبانيا، التهمت النيران نحو 2.47 مليون فدان، ما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وتشريد أكثر من 35 ألف مواطن خلال شهر أغسطس وحده. وطالت الحرائق مناطق محمية ذات أهمية بيئية كبيرة، مثل حديقة بيكوس دي يوروبا الوطنية، وألحقت أضراراً بطريق سانتياجو التاريخي، كما دمرت أشجار الكستناء المعمرة في منطقة لاس ميدولاس.
أما في البرتغال، فقد شهدت البلاد واحدًا من أكبر حرائقها المسجلة على الإطلاق، حيث دمرت النيران نحو 64 ألف فدان داخل منتزه نهر دورو الطبيعي، وأسفرت عن مقتل أربعة أشخاص، وإجلاء مئات السكان من منازلهم.

حر استثنائي و”وقود طبيعي”
تزامنت هذه الكارثة مع موجة حر غير مسبوقة ضربت أجزاءً واسعة من أوروبا. ففي إسبانيا، سُجلت أطول موجة حر منذ بدء السجلات المناخية، حيث استمرت 16 يوماً في مطلع أغسطس، ورفعت درجات الحرارة لمستويات خطيرة.
ورغم أن فصل الربيع كان رطباً وغنياً بالنباتات، إلا أن أشهر الصيف الجافة والحارّة، خصوصًا يونيو ويوليو، حوّلت هذه الكثافة النباتية إلى وقود سريع الاشتعال، مما ساهم في انتشار النيران بسرعة هائلة.
خسائر بشرية وبيئية لا تُحصى
في اليونان، تم تسجيل احتراق نحو 116,090 فداناً من الغابات، وأُجبر أكثر من 7,500 شخص على مغادرة منازلهم. كما تضررت دول أخرى مثل إيطاليا وألبانيا بخسائر كبيرة، بينما بقيت دول أوروبية قليلة مثل مالطا والتشيك وإستونيا بمنأى عن الكارثة حتى الآن.

لم تقتصر أضرار حرائق 2025 على الخسائر المباشرة في الأرواح والممتلكات والطبيعة، بل تسببت أيضًا في انبعاث نحو 38 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ما يُفاقم من حدة أزمة المناخ، ويضع أوروبا أمام تحدٍ مزدوج: مواجهة تبعات كارثة بيئية حاضرة، ومحاولة احتواء تداعياتها المستقبلية.
اقرأ أيضا.. إحياء ذكرى أشلي بابيت.. تكريم عسكري أمريكي يثير تساؤلات حول عدالة الأحداث