تواجه اليونان موجة جديدة من حرائق غابات عنيفة شرق العاصمة أثينا، وذلك في وقت لم تكد فيه فرق الإطفاء تلتقط أنفاسها بعد السيطرة على حريق هائل اجتاح جزيرة كريت وأجبر الآلاف على مغادرة منازلهم ومنتجعاتهم السياحية.
وقد اندلع الحريق الجديد في بلدة كوروبي، الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومترًا شرق أثينا، حيث تلقت العائلات المقيمة هناك رسائل نصية من وحدات الحماية المدنية تطالبهم بإخلاء المنطقة فورًا.
وقال عمدة كوروبي، ديميتريس كيوسيس، في تصريح لقناة ERT العامة، إن ألسنة اللهب “وصلت إلى باحات المنازل”، فيما أكد نائبه، ثودوريس غريفاس، أن الحريق لا يزال مشتعلاً، وأن عمليات الإجلاء شملت كافة المناطق المهددة، مضيفًا: “لا نعرف حتى الآن حجم الكارثة”.

حرائق غابات أثينا وجزيرة كريت
وعلى الرغم من الجهود الجبارة، لا تزال الرياح القوية في منطقة أتيكا، التي تشمل أثينا، تعيق عمليات الإطفاء.
وأظهرت لقطات بثتها قناة ERT احتراق أشجار الزيتون والأغصان، في مشهد يعكس مدى انتشار الحريق. وتم نشر طائرتي هليكوبتر وقاذفتي مياه على الأقل في محاولة للسيطرة على النيران.
وتُعزى خطورة الوضع الحالي إلى الطقس الحار والجاف الذي تشهده البلاد بشكل غير معتاد في هذا التوقيت من العام، إذ يؤكد العلماء أن تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري قد أدى إلى زيادة تواتر وشدة حرائق الغابات في الصيف.
وكان رجال الإطفاء قد تمكنوا مؤخرًا من احتواء حريق منفصل اندلع يوم الخميس قرب ميناء رافينا، الواقع على بُعد حوالي 20 كيلومترًا شمال شرقي كوروبي، وتم إجلاء نحو 300 شخص من منازلهم.
ومع أن الحريق أصبح تحت السيطرة، فإن قربه من مطار أثينا الدولي واستمرار الرياح يجعلان الوضع محفوفًا بالمخاطر. ووفقًا لعمدة رافينا، ديميتريس ماركو، فقد دمرت النيران عددًا من المنازل والمركبات.
اقرأ أيضًا
خطر خفي في أدوات التجميل.. الماسكرا المقاومة للماء قد تؤدي إلى تلف دائم في العين
حرائق غابات أثينا وجزيرة كريت
في الوقت ذاته، لا تزال آثار الحريق الضخم في جزيرة كريت قائمة، رغم انحساره تدريجيًا. فهناك، بالقرب من منتجع إيرابيترا، تواصل أكثر من 230 عنصرًا من فرق الإطفاء، مدعومين بـ48 مركبة وست مروحيات، العمل على إخماد بؤر مشتعلة خلفها الحريق الذي استمر لأيام.
وبحسب المتحدث باسم إدارة الإطفاء، فاسيليوس فاثراكويانيس، فإن الحريق بدأ يتراجع، لكن المخاوف من اندلاع حرائق جديدة لا تزال قائمة، رغم عدم وجود جبهة نيران رئيسية حاليًا.
وأضافت إدارة الإطفاء في تصريحات لوكالة أنباء “أنا” أن بعض المناطق لا تزال تعاني من كثافة الدخان وتجدد الاشتعال، مما يعيق جهود فرق الإطفاء.
وقد أدى الحريق إلى إجلاء حوالي 3000 سائح من فنادقهم وبيوت الضيافة مساء الأربعاء، إضافة إلى 2000 من السكان المحليين. ولم تُسجَّل حتى الآن إصابات خطيرة، إلا أن عدة أشخاص نُقلوا إلى المستشفيات نتيجة مشكلات في الجهاز التنفسي.
وتسببت الرياح القوية في انتشار الحريق بين القرى الجبلية مثل فيرما وأتشيلا وآجيا فوتا، فيما صدرت أوامر بالإخلاء من ثلاث مناطق خارج ميناء إيرابيترا على الساحل الجنوبي للجزيرة، بعد أن فقدت السلطات السيطرة على الحريق في مراحله الأولى.
وأفادت السلطات بأن منازل عدة تضررت من النيران التي اجتاحت غابات التلال، فيما أضاءت سحب الرماد سماء الليل، وترافقت مع أضواء سيارات الطوارئ وشاحنات المياه المنتشرة على الطريق الساحلي قرب منتجعي فيرما وأخليا.
وفي مشهد يعكس حجم المعاناة، عملت فرق متخصصة باستخدام أدوات يدوية لإنشاء فواصل حرائق على سفوح التلال، في محاولة لعرقلة تقدم ألسنة اللهب نحو المزيد من المناطق المأهولة.

موجة الحر الشديدة التي تضرب مناطق واسعة من أوروبا
وتُعَد اليونان حتى الآن من الدول التي نجت نسبيًا من موجة الحر الشديدة التي تضرب مناطق واسعة من أوروبا، خصوصًا إسبانيا والبرتغال وفرنسا، إلا أن التوقعات تشير إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة ابتداءً من نهاية الأسبوع.
ويُتوقع أن تصل الحرارة إلى 43 درجة مئوية في بعض مناطق البلاد، ما يُنذر بمرحلة أكثر خطورة على مستوى حرائق الغابات.
في ظل هذه التحديات، تظل فرق الإطفاء في حالة تأهب قصوى، وسط قلق متزايد من تكرار السيناريوهات الكارثية التي عرفتها البلاد في الأعوام السابقة بسبب حرائق الصيف، والتي باتت الآن أكثر عنفًا بفعل تغير المناخ.