كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران تمثل صراعاً عسكرياً معقداً بين قدرات إسرائيل الجوية المتفوقة وضرباتها المفاجئة، مقابل التحصينات الدفاعية الإيرانية المحكمة، خاصة حول منشآتها النووية الحيوية.
وبحسب خبراء عسكريين، فإن احتمالية امتداد هذا الصراع تبقى واردة بقوة، لا سيما إذا كان الهدف الإسرائيلي هو القضاء الكامل على البرنامج النووي الإيراني.

اختراق عميق في قلب طهران.. بداية الحرب
ووصفت بورجو أوزجيليك، الباحثة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، حجم الهجوم الإسرائيلي الأخير بأنه تطور قد يعيد رسم المشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط. وأشارت إلى أن “عمق ودقة الضربات التي طالت قلب العاصمة طهران وأسفرت عن مقتل قيادات بارزة مثل حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، تكشف مدى اختراق الاستخبارات الإسرائيلية، كما تفضح التدهور الواضح في منظومات الدفاع الجوي الإيرانية”.
وأضافت أوزجيليك أن الخسائر الإيرانية الأخيرة لا تمثل مجرد نكسة تكتيكية، بل تشكل “إهانة استراتيجية بالغة” للنظام الإيراني.
منشآت نووية محصنة
وتخوض إيران برنامجها النووي داخل منشآت شديدة التحصين، من بينها موقع نطنز الذي يقع على عمق 8 أمتار تحت الأرض، ويحيط به درع من الخرسانة والصخور الصلبة. وقد أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي ديفرين، أن الضربات الجوية استهدفت هذه المنشآت تحت الأرض، مؤكداً أنها “ألحقت أضراراً كبيرة بالبنية التحتية الحيوية”.
إلى جانب ذلك، كشفت “الموساد” عن تنفيذ عمليات معقدة تضمنت هجمات كوماندوز مدعومة بطائرات مسيّرة ولقطات حرارية، على غرار ما حدث في الهجمات الأوكرانية ضد القواعد الجوية الروسية. وهدفت هذه العمليات إلى تحييد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
فوردو… العقدة الأصعب
ورغم هذه النجاحات، لم تحاول إسرائيل استهداف منشأة فوردو النووية، التي تقع على عمق يتراوح بين 80 إلى 90 متراً تحت الأرض، ما يجعلها خارج نطاق أقوى الصواريخ الإسرائيلية مثل “روكس” و”إير لورا”. وأكد تحليل صادر عن معهد RUSI البريطاني أن “تدمير منشأة مثل فوردو يتطلب استخدام قنبلة خارقة للتحصينات تزن 14 طناً، وهي قنبلة أميركية لا يمكن إطلاقها إلا من قاذفات بي-2 الاستراتيجية”.
تفوق جوي إسرائيلي مقابل ترسانة صاروخية إيرانية
وتتمتع إسرائيل بتفوق جوي شبه كامل، وهو ما مكنها من الاستمرار في تنفيذ غارات جوية حتى يوم الجمعة، حيث استهدفت مواقع في مدينة تبريز. في المقابل، استخدمت إيران طائرات مسيرة بطيئة الحركة، تستغرق أكثر من 7 ساعات للوصول إلى إسرائيل، مما قلل من فاعلية ردها.
اقرأ أيضًا:
إيران ترد بعنف على الهجمات الإسرائيلية.. مئات الصواريخ تستهدف مراكز عسكرية ومدنية في تل أبيب والقدس
لكن الخطر الحقيقي، حسب تقارير استخباراتية، يكمن في امتلاك إيران نحو 3 آلاف صاروخ باليستي عالي السرعة، ويُعتقد أن منصات الإطلاق في منطقة كرمانشاه – غرب إيران – كانت من بين أولى الأهداف الإسرائيلية، نظراً لكونها مدفونة داخل تضاريس وعرة يصعب تدميرها.
خيارات إيران ورد محتمل
ورغم ما تواجهه من ضربات دقيقة ومؤلمة، لا تزال لدى طهران خيارات متعددة للرد، منها شن هجمات بصواريخ باليستية، أو تنفيذ عمليات إلكترونية وأخرى إرهابية عبر وكلائها الإقليميين. إلا أن استهداف مصالح أميركية مباشرة يظل محفوفاً بالمخاطر، لأنه قد يدفع واشنطن إلى التدخل الكامل في الصراع.
حرب بلا نهاية؟
وختاماً، ترى الصحيفة أن امتلاك إيران لمواقع نووية محصنة مقابل التفوق الجوي الإسرائيلي، إضافة إلى تعقيدات الردع المتبادل، يشير إلى أن الحرب قد تستمر لأسابيع. لكن إذا استمرت طهران في رفض التراجع عن برنامجها النووي، فإن نهاية هذه الحرب قد تبقى مفتوحة وبدون أفق واضح.