رغم إعلان قوات الحماية المدنية في مصر السيطرة على حريق سنترال رمسيس بعد نحو خمس ساعات من اندلاعه مساء الإثنين، استمرت الأدخنة الكثيفة تتصاعد من المبنى حتى ظهر الثلاثاء، ما أثار تساؤلات واسعة حول أسباب استمرار الحريق قرابة 20 ساعة، ومدى جاهزية المبنى للتعامل مع مثل هذه الكوارث.
وبحسب التحريات الأولية الصادرة عن وزارة الداخلية، فإن الحريق نجم عن ماس كهربائي، فيما أشار بيان النيابة العامة إلى أن الحادث أسفر عن وفاة أربعة موظفين وإصابة 21 آخرين، جميعهم من العاملين بالسنترال.
سنترال رمسيس…مركز الاتصالات الأول في مصر
يُعد سنترال رمسيس أحد أهم مرافق البنية التحتية في قطاع الاتصالات بمصر، إذ يربط بين شبكة القاهرة الكبرى وكافة المحافظات، ويمرر نحو 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية، سواء عبر الخطوط الأرضية أو شبكات الألياف الضوئية الحديثة، بحسب بيانات مجلس الوزراء.
ورغم الدفع بعدد كبير من سيارات الإطفاء واستخدام السلالم الهيدروليكية والاستعانة بكوبري أكتوبر القريب من المبنى لتوجيه المياه، إلا أن الحريق استمر لساعات طويلة، ما أثار انتقادات ومخاوف من وجود قصور في منظومة الحماية داخل المبنى الحيوي.
وفي هذا السياق، قال اللواء أيمن سيد الأهل، وكيل الحماية المدنية السابق ومدير قطاع غرب القاهرة سابقًا، إن تأخر الإبلاغ عن الحريق ومحاولة السيطرة عليه داخليًا باستخدام كميات مياه محدودة لتجنب تلف المعدات، ساهم في تفاقم الوضع.
وأكد الأهل، الذي عمل سابقًا ضمن النطاق المسؤول عن سنترال رمسيس، أن المبنى كان يفتقر إلى منظومة الإطفاء التلقائي المناسبة لطبيعة الأجهزة الحساسة داخله، موضحًا أنه سبق وطلب من إدارة السنترال تنفيذ اشتراطات السلامة لكن لم يتم الالتزام بها.
الحريق… والسيطرة الظاهرية
من جانبه، قال اللواء أسامة فاروق، مساعد وزير الداخلية السابق للحماية المدنية، إن تصاعد الدخان لفترات طويلة لا يعني بالضرورة أن الحريق لم يتم احتواؤه، مشيرًا إلى أن عمليات التبريد التي تتبع الإطفاء الفعلي قد تستمر لساعات أو حتى أيام، وتشمل فحص المناطق الساخنة لضمان عدم تجدد الاشتعال.
وأكد فاروق أن المباني الحكومية الأساسية عادة ما تُجهز باشتراطات الحماية المدنية، لكن طبيعة الحرائق تختلف باختلاف المواد المشتعلة وحجم المعدات، وقد تكون هناك صعوبات ميدانية تعرقل جهود السيطرة الكاملة.
غياب الخرائط وصعوبة الإطفاء
من أبرز النقاط التي أشار إليها الخبراء أيضًا، غياب الخرائط التفصيلية لمسارات الكابلات والأجهزة والتصميم الداخلي للمبنى، ما يجعل عمل فرق الإطفاء أكثر تعقيدًا وسط الارتباك الكبير الذي يصاحب حرائق المباني التقنية.
ووفق محللين في إدارة الأزمات، ساهم حجم المبنى الضخم وتعدد أدواره وأقسامه، إلى جانب كثافة الأجهزة والمواد القابلة للاشتعال، مثل الكابلات والمكيفات، في إطالة أمد الحريق وصعوبة إخماده.
من المنتظر أن تتوسع النيابة العامة في تحقيقاتها لتحديد أسباب القصور إن وجدت، وتحديد المسؤوليات داخل إدارة سنترال رمسيس. كما يتوقع أن تبدأ الجهات المعنية في مراجعة اشتراطات السلامة داخل المرافق الحيوية، لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً، لا سيما في منشآت تمثل أعصابًا حيوية للدولة.
تابع ايضًا..بريطانيا تلوّح بإجراءات إضافية ضد إسرائيل إذا استمر التصعيد في غزة