اجتمع مجلس الوزراء اللبناني برئاسة الرئيس جوزيف عون في جلسة وُصفت بـ”الحاسمة”، لبحث مصير ترسانة حزب الله العسكرية، في ظل ضغوط داخلية ودولية متزايدة لدفع الجماعة إلى تسليم سلاحها للدولة اللبنانية.
وتزامناً مع انعقاد الجلسة، خرج نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، بتصريحات رفض فيها بشكل قاطع تحديد جدول زمني لنزع سلاح الحزب، مبرراً ذلك باستمرار “العدوان الإسرائيلي” على لبنان.
جلسة وزارية مفصلية وسط تصاعد التوترات الداخلية
للمرة الأولى منذ عقود، يناقش مجلس الوزراء اللبناني علناً ملف سلاح حزب الله، وهو تطور لم يكن مطروحاً سابقاً، خاصة في ظل النفوذ الكبير الذي تمتع به الحزب خلال السنوات الماضية.
وتأتي هذه الجلسة في أجواء سياسية مشحونة، فرضها إصرار “العهد الجديد” – ممثلاً برئاسة الجمهورية والحكومة – على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، في مقابل تمسّك حزب الله بسلاحه تحت مبررات “المقاومة والدفاع عن السيادة”.
وتشهد هذه المناقشة تطوراً لافتاً في موازين القوى، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها حزب الله خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل عدد من قياداته البارزين وتدمير أجزاء من ترسانته العسكرية.
ضغوط أمريكية متزايدة و”خريطة طريق” لنزع سلاح حزب الله
وفقاً لتقارير وكالة رويترز، كثّفت الولايات المتحدة ضغوطها على الحكومة اللبنانية لاتخاذ موقف علني وواضح بشأن سلاح حزب الله، في ظل تحذيرات من تصعيد عسكري إسرائيلي وشيك إذا لم يتم إحراز تقدم ملموس.

وفي يونيو/حزيران الماضي، قدّم المبعوث الأميركي توم براك خريطة طريق تقضي بنزع سلاح الحزب بالكامل، مقابل حوافز أبرزها وقف إسرائيل لهجماتها وسحب قواتها من خمس نقاط حدودية لا تزال تحت سيطرتها في جنوب لبنان.
وشملت الخطة الأميركية شرطاً أساسياً يقضي بأن تُصدر الحكومة اللبنانية قراراً وزارياً رسمياً يتعهد بنزع سلاح حزب الله، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وحذر مسؤولون لبنانيون وأجانب من أن الفشل في إصدار هذا القرار اليوم قد يفتح الباب أمام إسرائيل لتوسيع نطاق ضرباتها، بما يشمل العاصمة بيروت، وفقاً لـ”رويترز”.
نعيم قاسم: “لا سلاح بدون ردع”.. والمقاومة باقية
وفي خطاب متلفز تزامن مع انعقاد جلسة الحكومة، أعلن الشيخ نعيم قاسم رفض الحزب المطلق لأي التزام زمني بنزع السلاح، مؤكداً أن “المعادلة لا تزال قائمة: ما دام العدوان مستمراً، فإن سلاح المقاومة باقٍ”.
وأضاف قاسم أن وقف إطلاق النار الأخير مع إسرائيل تم بشكل غير مباشر وأظهر “تعاوناً وثيقاً” بين حزب الله ومؤسسات الدولة اللبنانية، إلا أن “الولايات المتحدة جاءت بإملاءات تهدف إلى نزع قدرة لبنان على الدفاع عن نفسه”، على حد تعبيره.
وشدد على أن الحزب “جاهز لمواجهة أي حرب إسرائيلية جديدة”، مضيفاً: “إذا شنت إسرائيل حرباً جديدة، فستسقط الصواريخ على تل أبيب. نحن نمتلك القوة الكافية لهزيمتها”.

دعوة إلى “استراتيجية دفاع وطني” بدل نزع السلاح
بدلاً من الدخول في مفاوضات حول نزع سلاح الحزب، دعا قاسم إلى مناقشة “استراتيجية وطنية للدفاع”، تشارك فيها كل القوى اللبنانية، وتستند إلى ما وصفه بـ”قوة لبنان في مقاومته”.
اقرأ أيضًا:
تفاصيل ثاني اتصال هاتفي خلال أسبوع بين بوتين ونتنياهو.. سوريا وإيران في صدارة المحادثات
واقترح أن يُدرج هذا الموضوع كبند أساسي على جدول أعمال مجلس الوزراء، قائلاً: “يجب أن نذهب إلى الحكومة لنناقش كيف نحمي السيادة ونواجه العدوان، وليس لنضع جدولاً زمنياً لنزع سلاح المقاومة”.
مستقبل العلاقة بين الدولة وحزب الله: مفترق طرق سياسي
يشير مراقبون إلى أن الجلسة الحكومية وما رافقها من تصريحات تمثل منعطفاً مهماً في العلاقة بين الدولة اللبنانية وحزب الله، وسط تزايد الأصوات المطالبة بإنهاء ظاهرة “ازدواجية السلاح”، وضمان سيادة الدولة على كافة أراضيها.
في المقابل، يرى البعض أن ملف نزع سلاح الحزب لا يمكن أن يتم إلا ضمن اتفاق سياسي شامل يشمل الضمانات الإقليمية والدولية، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل التعقيدات الحالية في المنطقة.