بعد أيام من التصعيد غير المسبوق بين إسرائيل وإيران وإعلان وقف إطلاق النار، أسفرت المواجهة المباشرة الأولى من نوعها بين الدولتين عن نتائج ميدانية وعسكرية لافتة، وسط تساؤلات ملحّة بشأن من خرج منتصرًا من هذا الصراع، وما الذي خسره الطرفان.
وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، حصيلة المواجهات التي شملت تبادلًا كثيفًا للهجمات الصاروخية والغارات الجوية، حيث تم استهداف مواقع عسكرية وحيوية على الجانبين، إلى أن أعلنت الولايات المتحدة عن اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة مباشرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الهجوم الإيراني وضربات عنيفة على العمق الإسرائيلي
وفقاً للمصادر العسكرية الإسرائيلية، فإن إيران شنت هجمات مكثفة شملت:
إطلاق ما بين 500 إلى 550 صاروخًا باليستيًا نحو الداخل الإسرائيلي.
أكثر من 1000 طائرة مسيّرة هجومية تم توجيهها نحو مواقع في إسرائيل.
28 قتيلاً إسرائيليًا (27 مدنيًا وجندي واحد)، إضافة إلى مئات الجرحى.
تدمير عشرات المواقع في العمق الإسرائيلي، وأضرار كبيرة في مئات المنازل.
إصابة منشآت حيوية، مثل: مجمع “بازان” الصناعي في حيفا ومعهد وايزمان للعلوم في رحوفوت.
إسقاط طائرتي استطلاع تابعتين لسلاح الجو الإسرائيلي.
مئات العائلات الإسرائيلية أصبحت بلا مأوى بعد إصابات مباشرة لمنازلها.
ورغم أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت نسبة كبيرة من الهجمات، إلا أن الصدمة التي أحدثتها كثافة الصواريخ والطائرات المسيّرة طرحت تساؤلات حول فعالية المنظومات الدفاعية.

الهجوم الإسرائيلي.. ضربة موجعة لمؤسسات الدولة الإيرانية
في المقابل، شنت إسرائيل هجومًا منسقًا بالتعاون مع الولايات المتحدة، واستهدفت عبر غارات دقيقة وأسلحة عالية التقنية مواقع إيرانية شديدة الحساسية:
تدمير 3 منشآت نووية رئيسية (نطنز، فوردو، أصفهان)، وأضرار جسيمة في منشآت تخصيب اليورانيوم.
ضرب عشرات المواقع المرتبطة بالبرنامج النووي، من بينها مقر القيادة النووية في طهران.
اغتيال 15 عالمًا نوويًا إيرانيًا، بينهم أعضاء في “مجموعة السلاح”.
تصفية 4 من كبار قادة القوات المسلحة، على رأسهم قائد الحرس الثوري، ورئيس الأركان، وقائد غرفة الطوارئ، وخليفته.
مقتل قائد سلاح الجو والفضاء في الحرس الثوري، إضافة إلى كامل طاقم القيادة.
قتل المئات من عناصر الحرس الثوري والباسيج في غارات متفرقة.
تدمير نحو 800 إلى 1000 صاروخ إيراني قبل إطلاقها.
تدمير ما يقرب من 65% من منصات الإطلاق الإيرانية.
شل قدرات الدفاع الجوي الإيراني بنسبة 80% وتدمير أكثر من 80 بطارية صواريخ أرض-جو.
اعتراض 99.99% من الطائرات المسيّرة، باستثناء واحدة أصابت منزلاً في مدينة بيت شان دون إصابات.

خسائر إيرانية جسيمة على المستويات كافة
بعيدًا عن الأرقام، تكبدت إيران خسائر معنوية واقتصادية كبيرة، تمثلت في:
ضرب العمود الفقري للبرنامج النووي الإيراني، ما قد يعرقل طموحاتها لسنوات.
فقدان قيادات عسكرية وعلمية من الصف الأول.
أضرار بالغة في البنية التحتية المدنية والعسكرية، خاصة بعد مشاركة الطيران الأميركي في قصف منشآت تحت الأرض، لا سيما منشأة “فوردو”.
مئات القتلى والجرحى من العسكريين والمدنيين، وتفاقم الأزمة الإنسانية.
توسع حالة الاحتقان الداخلي في ظل العقوبات والاضطرابات الاقتصادية المستمرة.
اقرأ أيضًا:
تفاصيل محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.. ترامب غاضب من نتنياهو ويهدد تل أبيب
صفقة وقف إطلاق النار.. ربح نسبي للجميع؟
يرى مراقبون أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يمثل تسوية متوازنة نسبيًا، حيث:
أثبتت الولايات المتحدة تفوقها العسكري من خلال ضربات دقيقة للمنشآت النووية الإيرانية.
استعادت إسرائيل زمام المبادرة بعد مواجهة تهديد وجودي حقيقي، وهي اليوم في وضع يسمح لها بإعادة ترتيب أولوياتها الأمنية.
أنقذت إيران نظامها السياسي من خطر الانهيار بعد ضربات كشفت اختراقات أمنية عميقة وغياب الجاهزية.
امتنع حلفاء إيران عن التدخل المباشر: حزب الله لم يطلق أي صاروخ، والميليشيات العراقية لم تنخرط، والحوثيون اكتفوا بإطلاق صاروخين.
حصل العالم على “تنفّس مؤقت”، بعد أن اقتربت المنطقة من شفير حرب إقليمية شاملة، كانت ستؤثر على الاقتصاد العالمي، وسط مخاوف أوروبية متصاعدة.

خلاصة: حرب بلا منتصر حاسم
رغم حجم الإنجازات العسكرية الإسرائيلية، ورد الفعل الإيراني الواسع، إلا أن المواجهة لم تسفر عن منتصر واضح، بل عكست هشاشة الأوضاع الإقليمية واستعداد كل طرف للذهاب بعيدًا قبل أن يتراجع تحت ضغط الواقع السياسي والعسكري، والموافقة على وقف إطلاق النار.
الاتفاق الحالي لوقف إطلاق النار، وفق المحللين، ليس نهاية الصراع، بل هدنة مؤقتة في سباق نفوذ طويل الأمد، قد يُستأنف في أي لحظة، ما لم يتم تحييد الملف النووي الإيراني عبر تسوية سياسية شاملة.