في وقتٍ تتواصل فيه معاناة الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، خرج المخرج الفلسطيني نضال دامو، بفيلم وثائقي جديد يحمل عنوان “حكايات لم تكتمل”، ليكون صرخة إنسانية في وجه الصمت الدولي، وتوثيقًا مؤلمًا لقصص لم يُكتب لها الاكتمال، لا على الشاشة ولا في الحياة.

قصص خمسة أبطال.. الخيط المشترك: النهاية المفقودة
يركّز الفيلم، الذي لا تتجاوز مدته 20 دقيقة، على خمس حكايات حقيقية لأشخاص يعيشون فصولًا دامية من المأساة الفلسطينية، سواء بفقدان الأحبة أو بالتجارب النفسية العميقة التي فرضها واقع الحرب، يقول دامو إن الخيط الذي يربط بين هذه القصص هو أن “كل أبطال الفيلم لم تكتمل حكاياتهم”، بسبب القصف، الاستشهاد، أو الانهيارات النفسية الناتجة عن الحصار والدمار.
سليمة.. من بطلة الفيلم إلى شهيدة مجهولة القبر
في البداية، اختار دامو قصة الشابة سليمة، ذات الـ21 عامًا، كبطلة رئيسية للفيلم، سليمة فقدت عائلتها بالكامل وقررت أن تكرّس حياتها لدعم الأطفال نفسيًّا وسط الحرب، لكن الحكاية انتهت مبكرًا، بعدما استُشهِدت سليمة قبل الانتهاء من التصوير، لتتحوّل من شخصية محورية إلى واحدة من الحكايات التي لم تكتمل.
ألم شخصي.. استشهاد الابن يتحول إلى جزء من الحكاية
لم يكن العمل على الفيلم تجربة مهنية فقط، بل تجربة شخصية موجعة عاشها دامو عندما استُشهِد ابنه محمود أثناء توجهه لجلب المساعدات الإنسانية لعائلته، قال دامو: “حذرته من الذهاب، لكن الجوع كان أقوى.. استهدفته قوات الاحتلال، وأصبح هو الآخر جزءًا من الحكايات التي لم تكتمل”.
ويظهر في الفيلم مشهد جنازة محمود، كمشهد صادم يلخّص المأساة التي يعانيها آلاف الفلسطينيين، والتي طالت حتى صانعي الأفلام الذين يسعون لتوثيقها.
الوردة التي لم تجد قبر سليمة
في لمسة رمزية، حاول دامو أن يضع وردة على قبر سليمة، تكريمًا لها، لكنه لم يتمكن من العثور على مكان دفنها ولا الوصول إلى أي من أفراد أسرتها، فقرر وضع الوردة على قبر ابنه محمود، في إشارة رمزية إلى الرابط العاطفي والإنساني بينه وبين الشخصيات التي وثّقها.
صعوبات لا تنتهي.. الجوع والاستهداف عوائق أمام التصوير
لم تقتصر التحديات على الحزن والفقدان، بل واجه دامو صعوبات لوجستية ونفسية قاسية، يروي كيف أن فريق العمل اضطر للتنقل عبر عربات كارو بسبب القصف المتواصل ونقص الوقود، كما واجهوا صعوبة في الوصول إلى الحالات الإنسانية وسط انعدام الأمن والجوع الحاد.
يقول دامو: “الاحتلال لا يرحم.. كنا نصوّر ونحن نتضور جوعًا، ونعاني من القصف والخوف، لكن كنا مصممين على إيصال الحقيقة”.
حضور دولي.. “حكايات لم تكتمل” في مهرجانات عربية
من المقرر عرض الفيلم في عدد من المهرجانات الدولية، أبرزها:
-
مهرجان وهران السينمائي في الجزائر، بين 30 أكتوبر و5 نوفمبر 2025.
-
مهرجان الجونة السينمائي في دورته المقبلة.
ويأمل دامو أن يكون الفيلم شاهدًا حيًا على ما يحدث في غزة، ورسالة للعالم بأن ما يجري ليس مجرد أرقام أو تقارير، بل حكايات إنسانية مؤلمة توقفت عند لحظة موت.
اقرأ أيضًا:
مهرجان البندقية 2025.. ترقّب إعلان جوائز الدورة الـ82 وسط ترشيحات قوية لفيلم “صوت هند رجب”
“ليست مجرد قصص.. بل حقائق نُزِفت بالدم”
بفيلم “حكايات لم تكتمل”، يقدّم نضال دامو شهادة حية من قلب الجحيم، محاولًا أن يصرخ في وجه عالم اعتاد الصمت، ليست الحكايات التي يرويها مجرّد مشاهد، بل واقع دامٍ ومفتوح على احتمالات الموت في كل لحظة.