حكاية قهوة تشهدها الأسواق العالمية واضطرابات حادة، ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الضغوط على المعروض العالمي، بسبب تأثيرات التغير المناخي، وتراجع الإنتاج، واحتمالات فرض رسوم جمركية جديدة من الولايات المتحدة، الأمر الذي يهدد باستمرار موجة الصعود التاريخي في الأسعار.
حكاية قهوة
وبحسب ما نشرته صحيفة “انفوباى” الأرجنتينية، ارتفعت أسعار قهوة روبوستا في بورصة لندن بنسبة 2.3%، لتصل إلى 4044 دولارًا للطن، في حين صعدت أسعار “أرابيكا” في بورصة نيويورك بنسبة 3.8%، لتسجل 3.3085 دولارات للرطل، وهو أعلى مستوى أسبوعي منذ الأزمة المالية في عام 2008. وتمثل هذه الارتفاعات طفرة تاريخية، حيث بلغت الأسعار أعلى مستوياتها منذ أكثر من خمسة عقود، وفقًا لبيانات الأسواق الدولية.
- رسوم ترامب الجمركية تهدد تجارة البن البرازيلى
ويُرجع الخبراء هذا الارتفاع غير المسبوق إلى مجموعة من العوامل المعقدة، في مقدمتها تراجع المخزون العالمي، والتقلبات المناخية الحادة التي أثرت على الدول المنتجة، وعلى رأسها البرازيل. وتعرضت مناطق واسعة من الأراضي الزراعية في البرازيل لموجات جفاف وحرائق متكررة، أسفرت عن خسائر تتجاوز 20% من إجمالي الإنتاج، وفق تصريحات توماس إيدلمان، وهو أحد كبار المزارعين في ولاية تشياباس المكسيكية.
كيف تحول «الكافيين» إلى مؤشر لأزمة عالمية؟
ولم تتوقف الأزمة عند التغير المناخي فحسب، بل زادت حدتها بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات البرازيلية، من بينها القهوة. هذا التهديد تسبب في حالة من الارتباك داخل الأسواق، ودفع العديد من الشركات الأمريكية المستوردة إلى شراء كميات كبيرة من البن وتخزينها بشكل استباقي، تحسبًا لزيادات محتملة في التكلفة مستقبلاً.
- قهوة في ازمة عالمية
من جانب آخر، تواجه دول أخرى منتجة مثل فيتنام تحديات لا تقل خطورة. إذ ألحقت الأعاصير الموسمية أضرارًا كبيرة بالمحاصيل، وأثرت سلبًا على استقرار الإنتاج، ما دفع بعض المزارعين هناك إلى التحول لزراعة محاصيل بديلة أكثر ربحًا، مثل فاكهة الدوريان، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع إضافي في المعروض العالمي.
- ازمة عالمية لاسعار القهوة
ويحذر مختصون في القطاع الزراعي من أن ما يحدث الآن ليس أزمة طارئة، بل تطور بنيوي طويل الأمد قد يعيد تشكيل خريطة إنتاج القهوة عالميًا. فالظروف المناخية غير المستقرة، وسياسات الحماية التجارية، وتغيرات أنماط الزراعة، جميعها عناصر تدفع السوق إلى مزيد من التقلبات، وتجعل الأسعار عرضة لصدمات مستمرة.
في ظل هذه المؤشرات، يتوقع المحللون أن تظل أسعار القهوة مرتفعة خلال الفترات المقبلة، في ظل غياب حلول سريعة للأزمة. وبينما يسعى المستهلكون إلى الحفاظ على نمط استهلاكهم المعتاد، يجد المنتجون والمستوردون أنفسهم أمام تحديات غير مسبوقة، قد تفرض تغييرات جذرية في سلاسل الإمداد والتسعير.