في تطور دبلوماسي لافت يعكس تصاعد الغضب الدولي من السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، اتجه عدد من أبرز حلفاء إسرائيل نحو الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة اعتبرتها صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية منعطفًا تاريخيًا في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
حلفاء إسرائيل يتخلون عنها سياسيًا
يأتي هذا التحول في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة منذ ما يقارب العامين، وتزايد محاولات ضم الضفة الغربية، وسط فشل حكومة بنيامين نتنياهو في تقديم أي أفق سياسي لإنهاء الأزمة أو احترام المبادرات الدولية لوقف إطلاق النار. التقرير التالي يستعرض أبعاد هذا الاعتراف، دلالاته السياسية، وردود الفعل عليه، إضافة إلى تحذيرات من مستقبل أكثر تعقيدًا في حال استمرار تجاهل حل الدولتين.

قالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إن موجة الاعترافات الأخيرة بدولة فلسطين من قبل عدد من أبرز حلفاء إسرائيل تمثل تحولًا تاريخيًا في المواقف الدولية، وتكشف عن مدى الغضب العالمي من الحرب الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة منذ قرابة عامين، إلى جانب تصاعد محاولات تل أبيب لفرض واقع الضم في الضفة الغربية المحتلة.
الاعتراف بفلسطين يتوسع
وأوضحت الصحيفة أن هذه الاعترافات، التي شملت دولًا مثل بريطانيا وكندا وأستراليا وفرنسا والبرتغال – من بينها ثلاثة أعضاء في مجموعة السبع الكبرى – تأتي في وقت تصعّد فيه حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة من جهودها لإجهاض أي مساعٍ نحو حل الدولتين.
ورغم أن هذه الخطوة تحمل طابعًا رمزيًا ولن تُغيّر مباشرة من واقع الاحتلال أو توقف الحرب الجارية، فإنها تعكس، بحسب الصحيفة، تحولًا في المزاج الدولي يعزز الدعم لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، ويؤكد القناعة بأن السلام المستدام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تسوية سياسية تلبي تطلعات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتضمن العيش المشترك في أمان.
وأكدت فاينانشيال تايمز أن هذه الاعترافات جاءت أيضًا كرد فعل على تعنت حكومة نتنياهو، التي لم تطرح أي رؤية واضحة لمرحلة ما بعد الحرب، ورفضت وقف العدوان أو كبح جماح المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، مما دفع حتى أقرب حلفائها إلى إعادة النظر في مواقفهم.

ورغم الإدانة الواضحة من هذه الدول لهجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 ومعاملتها للرهائن الإسرائيليين، فإنها لم تعد قادرة على تجاهل ما وصفته الصحيفة بـ”الدمار الهائل” الذي ألحقه القصف الإسرائيلي بقطاع غزة، وجعل المنطقة غير صالحة للحياة، إضافة إلى الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاقات وقف إطلاق النار، خاصة الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة في يناير الماضي.
وتابعت الصحيفة أن عددًا متزايدًا من الخبراء والمنظمات الحقوقية باتوا يصفون ما يجري في غزة بأنه يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، في حين تواصل إسرائيل توسيع المستوطنات في الضفة الغربية بطريقة فعلية وإن لم تكن معلنة قانونيًا، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي.
وفي ختام تقريرها، حذّرت فاينانشيال تايمز من أن أي خطوة إسرائيلية رسمية نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية يجب أن تقابلها إجراءات عقابية حازمة من الغرب، مشددة على أن التخلي عن حل الدولتين سيكون بمثابة تسليم بالصراع للتيارات المتطرفة من كلا الجانبين. واختتمت الصحيفة بالقول: “الآن ليس الوقت المناسب للتخلي عن السلام، بل لتعزيزه بكل الوسائل الممكنة”.