شنت قوات الاحتلال الإسرائيلية، اليوم الإثنين، حملة مداهمات واعتقالات واسعة في مدن وبلدات متفرقة من الضفة الغربية، أسفرت عن اعتقال عدد من الفلسطينيين بينهم أسرى محررون وفتية، إضافة إلى إصابة عدد من المواطنين خلال مواجهات واقتحامات متفرقة، وسط استمرار التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
اقتحامات واعتقالات في رام الله والبيرة
وذكرت مصادر فلسطينية أن قوات إسرائيلية اقتحمت مدينتي البيرة ودير أبو مشعل غرب رام الله، واعتقلت ستة مواطنين بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها بدقة، كما اعتدت بالضرب على عدد من السكان خلال العملية التي استمرت ساعات.

وأكدت المصادر أن قوات خاصة إسرائيلية شاركت في العملية مستخدمة مركبات مدنية، فيما شهدت المنطقة انتشارًا مكثفًا للدوريات العسكرية عقب انتهاء الاقتحام.
وفي محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، داهمت القوات الإسرائيلية بلدة دير بلوط واعتقلت ستة مواطنين بعد تخريب محتويات منازلهم، فيما اقتحمت بلدة بديا المجاورة واعتدت على أفراد من عائلة القيادي في حركة “فتح” حسن القرم.
وقال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية أغلقت مداخل البلدتين ومنعت الأهالي من التنقل، قبل أن تنسحب بعد ساعات تاركة حالة من الهلع والدمار في صفوف السكان.
إصابات في الخليل واعتداءات للمستوطنين
وفي محافظة الخليل جنوب الضفة، اعتقلت القوات الإسرائيلية أربعة مواطنين من بلدتي الطبقة وصوريف، فيما أصيب طفل يبلغ من العمر 15 عامًا بجروح خطيرة إثر إصابته بقنبلة صوت أُطلقت نحو رأسه في بلدة بيت عوا.
كما أصيبت سيدة فلسطينية بحالة اختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته القوات خلال عملية المداهمة.
وبالتوازي مع ذلك، أقدم مستوطنون مسلحون على إغلاق الطريق الرئيسي لقرية الزويدين في بادية يطا جنوب الخليل، ومنعوا مرور المواطنين، كما أطلقوا ماشيتهم في أراضي المزارعين بمنطقة مسافر يطا وأتلفوا محاصيلهم الزراعية، في انتهاك متكرر لحقوق السكان.
وذكرت المصادر أن قوات إسرائيلية نصبت حواجز عسكرية على مداخل المحافظة وأغلقت طرقًا رئيسية بالبوابات الحديدية والسواتر الترابية، ما تسبب في تعطيل حركة الفلسطينيين.

اعتقالات في نابلس وطولكرم وبيت لحم
وفي شمال الضفة، اعتقلت القوات الإسرائيلية شابًا من مخيم بلاطة شرق نابلس بعد مداهمة منزله، كما اقتحمت مخيم قلنديا شمال القدس بعدد من الآليات العسكرية دون الإعلان عن اعتقالات.
وفي طولكرم، نفذت القوات حملة مداهمات واسعة أسفرت عن اعتقال شابين من المدينة، فيما اعتقلت شابًا آخر من بلدة جناتة شرق بيت لحم بعد مداهمة منزله وتفتيشه.
احتجاز 15 أسيرًا محررًا في أريحا
وفي محافظة أريحا، أفاد نادي الأسير الفلسطيني بأن القوات الإسرائيلية احتجزت 15 أسيرًا محررًا من مخيم عقبة جبر واعتدت عليهم بالضرب خلال التحقيق الميداني، قبل أن تفرج عن بعضهم لاحقًا.
وفي مدينة القدس المحتلة، أجبرت السلطات الإسرائيلية مواطنًا فلسطينيًا على هدم منزله ذاتيًا في بلدة العيسوية بحجة البناء دون ترخيص، وهي سياسة تقول منظمات حقوقية إنها ممنهجة وتستهدف تقليص الوجود الفلسطيني في المدينة مقابل توسيع المستوطنات الإسرائيلية.
وأكدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن عمليات الهدم الذاتي تزايدت خلال العام الجاري، في ظل تصعيد سياسات التضييق التي تمارسها السلطات الإسرائيلية ضد سكان القدس.
اقرأ أيضًا:
محمود عباس يمهّد لخلافته| حسين الشيخ رئيساً مؤقتاً للسلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب
استمرار الحملة اليومية في الضفة الغربية
تأتي هذه الاعتقالات في إطار حملة متواصلة تنفذها القوات الإسرائيلية بشكل شبه يومي في مدن وبلدات الضفة الغربية، تشهد خلالها المناطق مداهمات واشتباكات متكررة بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من انفجار الأوضاع الأمنية مع استمرار الاعتقالات والانتهاكات الميدانية.

وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد المعتقلين في الضفة الغربية تجاوز 9500 معتقل منذ أكتوبر 2023، بينهم مئات الأطفال والنساء، فيما لا تزال عمليات الاقتحام الليلية والتفتيش العنيف للمنازل مستمرة بشكل يومي.
تصعيد ميداني متزامن مع توترات سياسية
يرى مراقبون أن الحملة الإسرائيلية الواسعة في الضفة تأتي في سياق سياسي وأمني متداخل، يهدف إلى منع تصاعد المقاومة المسلحة وفرض واقع أمني جديد قبيل أي تسوية محتملة تتعلق بغزة.
ويؤكد محللون أن تزايد اعتداءات المستوطنين بالتوازي مع الاقتحامات العسكرية يندرج ضمن محاولات فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على مناطق “ج” بالضفة، وهو ما يثير مخاوف فلسطينية ودولية من خطوات إسرائيلية أحادية لتوسيع الاستيطان وتقويض حل الدولتين.
تواصل إسرائيل تنفيذ حملات اعتقال ومداهمة شبه يومية في الضفة الغربية وسط تدهور أمني متصاعد، بينما يواجه الفلسطينيون تصعيدًا مزدوجًا من الجيش والمستوطنين، في ظل غياب أي أفق سياسي لإنهاء الاحتلال أو تخفيف المعاناة الإنسانية المتفاقمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
