خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، الاثنين، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أمله في تجنب توجيه أمريكا أي ضربات عسكرية جديدة ضد إيران، قائلاً: «لا أستطيع أن أتخيل رغبتي في فعل ذلك».
إلا أن نتنياهو أكد لاحقًا، خلال اجتماع مغلق مع ترامب، أن إسرائيل لن تتردد في تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية إذا استأنفت طهران سعيها نحو امتلاك سلاح نووي. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار قولهم إن ترامب أبدى تفضيله للتوصل إلى تسوية دبلوماسية مع إيران، لكنه لم يعترض في الوقت نفسه على الخطة الإسرائيلية.

حسابات متضاربة بين أمريكا وإسرائيل
وبحسب المسؤولين، فقد عكست المحادثات الثنائية اختلافًا واضحًا في الحسابات بين أمريكا وإسرائيل، إذ شدد نتنياهو على أن بلاده قد تقدم على أي ضربة استباقية دون انتظار «ضوء أخضر» أميركي، خاصة إذا رُصدت مؤشرات جدية على تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية. في المقابل، يخشى ترامب أن يؤدي أي تحرك عسكري واسع إلى تقويض فرص الحل التفاوضي الذي لا يزال يراه ممكنًا بين أنريكا وإيران.
طهران تضع شروطها
في طهران، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في أول تصريح له عقب الضربات الأميركية الإسرائيلية الأخيرة، انفتاح بلاده على استئناف المفاوضات النووية بشرط الحصول على ضمانات مكتوبة بعدم التعرض لهجمات جديدة خلال فترة التفاوض. لكنه شدد في الوقت ذاته على أن حق إيران في تخصيب اليورانيوم «غير قابل للتنازل».
وتشير مصادر استخباراتية إسرائيلية إلى أن الضربات الأخيرة ألحقت أضرارًا كبيرة بالقدرات النووية الإيرانية، إلا أن بعض مخزون اليورانيوم عالي التخصيب في منشأة أصفهان لم يُدمّر بالكامل. وبحسب نفس المصادر، فقد تعذر على إيران استعادة أي مواد انشطارية من منشأتي نطنز وفوردو بسبب استخدام القوات الأميركية قنابل خارقة للتحصينات.
مخاوف أميركية من الانجرار إلى صراع
ويحذر محللون أميركيون من أن تقود إسرائيل التصعيد منفردة، مما قد يجر أمريكا إلى مواجهة واسعة النطاق في المنطقة. ويقول غابرييل نورونيا، المسؤول السابق عن ملف إيران في الخارجية الأميركية: «ترامب يريد فقط طيّ الملف الإيراني، لكنه لا يقبل بأي حال استمرار التخصيب أو تطوير سلاح نووي. مع ذلك، يمكنه إبداء مرونة في بقية الشروط».
أما السفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل، دان شابيرو، فيرى أن التوصل إلى اتفاق جديد بات أكثر تعقيدًا بعد الضربات الأخيرة. ويضيف: «ترامب لا يستطيع التراجع عن مطلب إنهاء التخصيب، وإيران لن تتنازل عنه بعد أن تعرضت للهجوم».
سيناريوهات مفتوحة
ويرجح خبراء أن السيناريو الأخطر يتمثل في استئناف إيران لبرنامجها النووي سرًا عبر منشآت تحت الأرض يصعب رصدها. وبينما تمتلك إسرائيل معلومات استخباراتية عن بعض هذه المواقع، فإنها لا تملك القدرة وحدها على تدميرها دون دعم أميركي مباشر نظراً لحاجتها إلى قنابل خارقة للتحصينات.
وحتى الآن، لم يُحدد أي موعد رسمي لاستئناف المفاوضات النووية، بينما يظل مستوى الثقة بين واشنطن وطهران في أدنى مستوياته منذ سنوات.