كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كوليدج لندن (UCL) أن تناول مضادات الاكتئاب لفترات طويلة يزيد بشكل كبير من احتمال التعرض لأعراض انسحابية شديدة عند التوقف عن استخدامها، مقارنة بالمستخدمين لفترات قصيرة.

مضادات الاكتئاب و خطر مضاعف للانسحاب
أظهرت نتائج الدراسة، التي شملت 310 مشاركين، أن 64% من الذين استخدموا مضادات الاكتئاب لمدة عامين أو أكثر واجهوا أعراض انسحاب متوسطة إلى شديدة، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 27% فقط بين من استخدموها لفترة لا تتجاوز 6 أشهر.
وأشار الباحثون إلى أن أعراض الانسحاب لم تقتصر على عودة الاكتئاب، بل شملت مشكلات جسدية ونفسية مثل الدوخة، والصداع، والغثيان، واضطرابات النوم والمزاج.
اقرأ ايضًا
« متلازمة القلب المكسور».. عندما يصبح الضغط النفسي قاتلا
دعوة للحد من الاستخدام المطوّل
صرّح الدكتور مارك هورويتز، المعد الرئيسي للدراسة، أن النتائج تعكس الحاجة إلى مراجعة السياسات الطبية في وصف مضادات الاكتئاب، مضيفًا:”التناول المطول يجعل التوقف عنها أكثر صعوبة، لذا يجب أن تكون المدة العلاجية محدودة قدر الإمكان”.
من جانبها، أكدت البروفيسورة جوانا مونكريف، أستاذة الطب النفسي والمشاركة في إعداد الدراسة، أن أعراض الانسحاب شائعة، داعية المرضى إلى استشارة مختصين قبل التوقف عن العلاج.
أعراض تستمر لأشهر
ووفقًا لنتائج الاستبيان، فإن نحو ثلث المرضى الذين استخدموا مضادات الاكتئاب لفترة طويلة واجهوا أعراض انسحاب استمرت لأكثر من 3 أشهر، بينما استمرت لدى واحد من كل عشرة لأكثر من عام.
ولفت الباحثون إلى أن 38% من المشاركين لم يتمكنوا من التوقف عن تناول الدواء رغم المحاولات المتكررة، فيما ارتفعت النسبة إلى 79% بين من استخدموه لأكثر من عامين.
مضادات الاكتئاب فعالة لكنها تتطلب إشرافًا دقيقًا
رغم التحذيرات، أكد 62% من المشاركين في الدراسة أن مضادات الاكتئاب كانت فعالة وأسهمت في تحسن حالتهم النفسية.
كما حذّر خبراء مستقلون من المبالغة في تفسير النتائج، مشيرين إلى أن حجم العينة صغير نسبيًا، وأن هناك حاجة إلى دراسات أوسع وأكثر دقة، تعتمد على المتابعة الطبية المباشرة.
من جهته، قال متحدث باسم الكلية الملكية للأطباء النفسيين إن مضادات الاكتئاب لا تزال “خيارًا علاجيًا فعالًا وآمنًا” لكثير من المرضى، مشيرًا إلى أن:
“الأغلبية يمكنهم التوقف عن تناول الأدوية تدريجيًا دون أعراض انسحاب شديدة، لكن بعض الحالات قد تعاني من أعراض مطوّلة”.
ويُشدد الأطباء على ضرورة عدم التوقف عن تناول الأدوية فجأة، بل استشارة الطبيب المختص لتحديد خطة مناسبة، قد تشمل تقليل الجرعة تدريجيًا أو التحول إلى نوع آخر من العلاج.