في اكتشاف علمي جديد قد يُغيّر من عادات ملايين النساء حول العالم، كشفت دراسة حديثة أعدّها باحثون من جامعات “هارفارد” و”تافتس” و”تورنتو” عن وجود علاقة إيجابية بين تناول القهوة بانتظام والشيخوخة الصحية لدى النساء، في حين ارتبط استهلاك مشروبات الكولا بنتائج صحية معاكسة.
وجاء الإعلان عن هذه النتائج ضمن فعاليات مؤتمر “نيوتريشين 2025” السنوي للتغذية، والذي انعقد بمدينة أورلاندو الأميركية خلال الفترة من 31 مايو/أيار إلى 3 يونيو/حزيران. وركّز الباحثون في دراستهم على تحليل بيانات نحو 50 ألف امرأة تمت متابعتهن على مدار ثلاثة عقود، لرصد تأثير استهلاك الكافيين على جودة التقدم في العمر.

قهوة… منبّه صباحي وسلاح ضد التراجع الذهني والشيخوخة
وبحسب ما أوضح الفريق البحثي، فإن تناول القهوة في منتصف العمر لا يمنح مجرد دفعة من النشاط صباحاً، بل يبدو أن له تأثيراً أعمق وأكثر استمرارية، ويسهم الكافيين الموجود بالقهوة بشكل كبير في الحفاظ على القدرات الذهنية، واللياقة البدنية، والصحة النفسية مع تقدم المرأة في السن خاصة عند المواظبة عليه من سن صغيرة.
ولم تسجل النتائج مع جميع المشروبات المحتوية على الكافيين، بينما برزت القهوة بوصفها عامل دعم للشيخوخة الصحية، وأظهرت الدراسة أن استهلاك مشروبات الكولا بكميات كبيرة كان مرتبطاً بانخفاض فرص التقدم في العمر بصحة جيدة، حتى بعد ضبط العوامل المؤثرة مثل العمر، ومؤشر كتلة الجسم، والنشاط البدني، والمستوى التعليمي، والتدخين، واستهلاك الكحول.
الكافيين في القهوة تحديداً.. وليس أي مشروب
الباحثة سارة مهدوي، وهي عضو في كلية “تي. إتش. تشان” للصحة العامة بجامعة هارفارد وباحثة بجامعة تورنتو، صرّحت قائلة:
“يبدو أن القهوة تدعم بشكل فريد بعض المسارات البيولوجية المرتبطة بالشيخوخة، والتي تحافظ على الأداء الذهني والبدني.”
لكنها في المقابل حذّرت من التهويل في تقدير أثر القهوة وحدها، مؤكدة أن “الفوائد تظل محدودة إذا لم تُقرن بتبنّي نمط حياة صحي متكامل.”
كما أشارت الدراسة إلى أن القهوة المنزوعة الكافيين أو الشاي لم يُظهرا التأثير الإيجابي ذاته، مما يعزز الفرضية بأن الكافيين الموجود تحديداً في القهوة هو المكوّن النشط وراء هذه الفوائد.
منهجية علمية صارمة
اعتمد الباحثون على استبيانات علمية متخصصة لتتبع أنماط استهلاك الكافيين لدى المشاركات، وشملت أنواعا متعددة من المشروبات: القهوة، الشاي، الكولا، والقهوة منزوعة الكافيين. وقد تم تحليل النتائج إحصائياً مع مراعاة العوامل المتداخلة، لتقديم تقييم دقيق لتأثير الكافيين على مسار الشيخوخة الصحية.
سلسلة متواصلة من الاكتشافات حول القهوة
وتُعدّ هذه الدراسة امتداداً لأبحاث سابقة نُشرت خلال عامي 2023 و2024، أشارت إلى أن تناول قهوة الإسبريسو قد يُقلّل من خطر التدهور المعرفي، بينما يرتبط استهلاك القهوة المعتدل بشكل عام بانخفاض معدلات الإصابة بالسكتات الدماغية ومرض السكري.
خلاصة القول، رغم أن كوب القهوة الصباحي قد يبدو روتيناً بسيطاً، إلا أن هذه الدراسة تضيف بُعداً جديداً له، حيث تُظهر أنه قد يكون مفتاحاً للحفاظ على الصحة الذهنية والجسدية مع التقدم في العمر، شريطة ألا يكون بديلاً عن نمط حياة متوازن. أما مشروبات الكولا، فرغم شعبيتها، فهي بحاجة إلى مراجعة جادة في ضوء ما تكشفه هذه الأبحاث المتزايدة عن أثرها السلبي على الصحة، فهل تُصبح القهوة حليفة النساء في معركة الزمن؟ يبدو أن العلم يقترب من تأكيد ذلك.
اقرأ أيضًا: