كشف باحثون أمريكيون أن شرب القهوة قد يُقلل بشكل ملموس من خطر الوفاة القلبية المفاجئة.
وتوصلت دراسة حديثة إلى أن كوبًا واحدًا من القهوة يوميًا – خاصةً إذا كانت سوداء وخالية من الإضافات – كفيل بمنح فوائد صحية للقلب، فيما تُحقق الجرعة المثالية بين كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميًا.
تناول 3 أكواب من القهوة يوميًا
الدراسة، التي شملت أكثر من 46 ألف مشارك أمريكي تزيد أعمارهم عن 20 عامًا، ونُشرت في مجلة Journal of Nutrition، تابعت عادات استهلاك القهوة على مدى 11 عامًا، ووجدت ارتباطًا واضحًا بين شرب القهوة وخفض معدل الوفاة القلبية.
وقالت البروفيسورة فانغ فانغ تشانغ، خبيرة التغذية بجامعة تافتس في بوسطن، إن نتائج الدراسة تضيف إلى الأدلة المتنامية التي تؤكد فوائد القهوة للصحة العامة، موضحة:
“تُعد القهوة من أكثر المشروبات استهلاكًا حول العالم. ومع تناول نحو نصف البالغين الأمريكيين لكوب واحد على الأقل يوميًا، من الضروري فهم ما قد يعنيه ذلك لصحة القلب”.
القهوة والقلب: علاقة معززة بالحياة
أظهرت نتائج الدراسة أن شرب كوب واحد يوميًا من القهوة السوداء مرتبط بانخفاض خطر الوفاة القلبية بنسبة 16%، بينما سجّل من تناولوا كوبين إلى ثلاثة أكواب يوميًا انخفاضًا في الخطر بنسبة 17%.
وبلغت الفائدة أقصاها عند ثلاث أكواب يوميًا، إذ تراجع خطر الوفاة بجميع أسبابها بنسبة وصلت إلى 20%.
أما أولئك الذين أضافوا كميات كبيرة من السكر أو منتجات الألبان إلى قهوتهم، فلم يحصدوا نفس الفوائد، مما يشير إلى أن نوع القهوة وطريقة تحضيرها يلعبان دورًا حاسمًا في التأثير الصحي.
ولفت الباحثون إلى أن القهوة منخفضة السكر والدهون المشبعة (مثل الكريمة أو الحليب كامل الدسم) كانت مرتبطة بانخفاض خطر الوفاة بنسبة 14% مقارنة بمن لا يشربون القهوة إطلاقًا.
مخاطر الجرعة الزائدة
ورغم هذه النتائج المشجعة، شددت الدراسة على ضرورة الاعتدال، إذ لا تزال هناك مخاوف طبية بشأن الإفراط في استهلاك الكافيين. وأشارت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (NHS) إلى أن تناول أكثر من أربعة أكواب من القهوة يوميًا قد يُؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، أحد العوامل الرئيسية المسببة للنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت تُظهر فيه الإحصاءات الرسمية أن حوالي مليوني شخص في المملكة المتحدة تم تشخيصهم بأمراض القلب، في حين يُعتقد أن نحو ستة ملايين آخرين يُعانون من ارتفاع ضغط الدم دون أن يتم تشخيصهم.
الوضع الوبائي القلبي في بريطانيا
بحسب الخبراء، تُعزى أمراض القلب في الغالب إلى ترسّب الدهون داخل الشرايين، مما يُعيق تدفق الدم والأكسجين إلى القلب ويزيد خطر الجلطات.
وقد كشفت بيانات صدرت مؤخرًا أن معدلات الوفاة المبكرة الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية، بما فيها النوبات القلبية والسكتات الدماغية، بلغت أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد.
وفي تقرير سابق لموقع MailOnline، سُلط الضوء على تزايد عدد الحالات بين الشباب تحت سن الأربعين الذين يخضعون للعلاج من نوبات قلبية في المستشفيات الإنجليزية.
وعلى الرغم من التقدم الطبي والتراجع التاريخي في معدلات التدخين، يرى الأطباء أن السمنة، إلى جانب مشكلات صحية مصاحبة مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري، تُعد الآن من أبرز العوامل المؤثرة في هذه الزيادة.
قيود الدراسة وملاحظات الباحثين
ورغم دقة البيانات، أشار القائمون على الدراسة إلى بعض القيود، أبرزها أن المشاركين أبلغوا عن استهلاكهم للقهوة بأنفسهم، ما قد يُعرض النتائج لبعض التحيّز أو عدم الدقة.
كما لم تشمل الدراسة تحليلًا مفصلًا لطريقة التحميص أو طرق تحضير القهوة المختلفة، وهو ما قد يؤثر على المحتوى النهائي من مضادات الأكسدة أو المواد الضارة.
بين التوصيات والتحذيرات، تبرز القهوة كأحد العوامل اليومية البسيطة التي قد يكون لها أثر عميق على صحة القلب.
ووفقًا للدراسة، فإن الحفاظ على عادة شرب القهوة، باعتدال وبدون إضافات، قد يُشكل درعًا واقيًا ضد أخطر أسباب الوفاة عالميًا.
ومع استمرار الجدل العلمي حول الكافيين، تبقى الرسالة الأوضح: الاعتدال هو مفتاح الفائدة، وكوب القهوة اليومي – إن أُعد بشكل صحي – قد يُنقذ حياة.