كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة نورثمبريا البريطانية، عن أن زيت إكليل الجبل العطري قد يسهم بشكل فعّال في تحسين الذاكرة والوظائف الإدراكية لدى الأفراد، لا سيما في زيادة سرعة ودقة العمليات الحسابية الذهنية.
وقد توصل الباحثون إلى وجود علاقة واضحة بين ارتفاع مستويات مركب 1,8-سينول، وهو أحد المكونات النشطة في زيت إكليل الجبل، وبين تحسّن ملحوظ في الأداء الإدراكي، وأشارت الدراسة إلى أن استخدام هذا الزيت قد يكون مفيداً في مجموعة متنوعة من السيناريوهات، مثل تعزيز التركيز لدى الطلاب أو دعم القدرات العقلية لدى كبار السن.

الزيوت العطرية: أكثر من مجرد روائح
يندرج هذا الاكتشاف ضمن موجة متصاعدة من الاهتمام بـ العلاج بالزيوت الطبيعية، الذي أثبت جاذبيته لدى جمهور واسع خلال السنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى مزاياه العلاجية المحتملة، إلى جانب الاستخدامات الجمالية والروحية.
ومن بين أبرز الأعشاب والزيوت التي حظيت باهتمام علمي، جاء إكليل الجبل (روزماري)، المعروف تاريخياً بخصائصه المعززة للذاكرة، الدراسة التي قادها الدكتور مارك موس هدفت إلى اختبار تأثير رائحة زيت إكليل الجبل، وكذلك زيت اللافندر، على الحالة المزاجية والوظائف الإدراكية لدى البالغين الأصحاء.
فرضية الدراسة: الروائح تحفّز الدماغ
استند الباحثون إلى فرضية أن الروائح العطرية يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي المركزي، إما من خلال تفاعلات كيميائية أو عبر ارتباطها بالذاكرة والمشاعر.
وشملت الدراسة مجموعة من المتطوعين خضعوا لاختبارات دقيقة تقيس الذاكرة العاملة والانتباه وسرعة المعالجة الذهنية، إضافة إلى تقييمات مزاجية باستخدام أدوات نفسية معترف بها لقياس مشاعر مثل الهدوء واليقظة والرضا.
نتائج لافتة: الذاكرة وسرعة الحساب تتحسن
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين استنشقوا زيت إكليل الجبل سجلوا أداءً أعلى في اختبارات الذاكرة والعمليات الحسابية العقلية، لا سيما في مهام الطرح المتسلسل التي تتطلب تركيزاً وذاكرة نشطة.
كما أوضحت النتائج أن ارتفاع نسبة 1,8-سينول في الدم ارتبط بأداء إدراكي أفضل، مما يشير إلى وجود علاقة جرعة-استجابة، أي أن كلما زادت كمية المركب التي يمتصها الجسم عن طريق الاستنشاق، زاد التحسّن في الأداء الذهني.
اقرأ أيضًا
التهاب المفاصل العنقي.. مرض شائع يصيب الرقبة مع التقدم في العمر
كيف يعمل زيت إكليل الجبل؟
يرتكز التأثير الإدراكي المحتمل لإكليل الجبل على مركب 1,8-سينول، وهو نوع من التربينات الذي يُعتقد أنه يؤثر على نواقل عصبية مهمة مثل الأستيل كولين، المرتبط بالذاكرة والتعلم.
ويُعتقد أن هذا المركب يمنع تكسير الأستيل كولين في الدماغ، مما يسمح بتوفّره لفترة أطول ويعزز بذلك القدرات الذهنية، في آلية مشابهة لبعض الأدوية المعززة للإدراك، ولكن دون آثار جانبية تُذكر.
علاج طبيعي بوعد علمي
رغم الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد النتائج وتحديد الجرعات المثلى، إلا أن هذه الدراسة تدعم إمكانيات إكليل الجبل كعلاج طبيعي واعد لتحفيز الدماغ، ما يجعله خياراً جذاباً للراغبين في تحسين أدائهم العقلي بطرق طبيعية وآمنة.