تعالت أصوات داخل الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، تدعو إلى مواجهة حاسمة لإدارة الرئيس دونالد ترامب، متهمة إياه بتقويض أسس الديمقراطية الأمريكية، وانتهاك الدستور، وزرع الانقسام داخل المجتمع، فضلًا عن استخدام القوة العسكرية لترهيب الداخل، وسط تصاعد القلق من تكرار نماذج سلطوية شهدها التاريخ الحديث.

دعوات للتمرد في وجه ترامب
وبحسب تقرير نشرته صحيفة The Root الأمريكية، يرى معارضو ترامب أنه لم يكتفِ بإطلاق العنان لأجندة “أمريكا أولًا”، بل عمد إلى شنّ هجمات متتالية على مكتسبات الحقوق المدنية، ومبادئ التعددية، إلى جانب اتخاذ قرارات منفردة بشأن ملفات شائكة كالهجرة والهوية الجنسية، وتوظيف أدوات الدولة لتكريس خطاب الكراهية والانقسام.
وفي أعقاب الضربة التي وجّهها للمنشآت النووية الإيرانية، والتي تمّت دون الرجوع إلى الكونجرس تجددت محاولات عزل ترامب، لكنها فشلت مرة أخرى في مجلس النواب، ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على تزايد نفوذ الرئيس وسط حالة من الشلل السياسي لدى المعارضة.
دعوات للانتفاض السلمي
في هذا السياق، أطلق عدد من القادة السياسيين والناشطين دعوات غير مسبوقة إلى “انتفاضة شعبية سلمية”، تستهدف التصدي لما وصفوه بـ”تغوّل السلطة التنفيذية” في عهد ترامب. ودعا المخرج الشهير مارشال هيرسكوفيتز إلى تنظيم احتجاجات مليونية متواصلة يليها إضراب عام، باعتبارها الطريقة الوحيدة لإحداث تحول حقيقي في المشهد السياسي الأمريكي.

أما بيتو أورورك، النائب الديمقراطي السابق، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، حين شبّه صعود ترامب بما حدث في ألمانيا النازية، داعيًا الشعب ووسائل الإعلام إلى التنبّه لمحاولات الرئيس إعادة تشكيل النظام الدستوري لصالحه، وتحدي قرارات القضاء الفيدرالي.
فيما أكد النائب جيري نادلر في رسالة مطوّلة وجهها إلى الشعب أن “الانتظار حتى موعد الانتخابات ليس خيارًا”، مشددًا على ضرورة إضعاف قاعدة ترامب الشعبية، وعزل الحزب الجمهوري عنه إنقاذًا لما تبقى من التوازن المؤسسي في البلاد.
ترامب بين “هتلر” و”النازية الجديدة”
تتكرر المقارنات بين إدارة ترامب والنظم الفاشية في أوروبا الثلاثينيات. فقد وصف المدعي العام الأسبق إريك هولدر سلوك ترامب بأنه “صدى مقلق لخطوات ما قبل الديكتاتورية”، داعيًا إلى حالة تأهب وطني لحماية الحقوق الدستورية من الانهيار البطيء.

من جهتها، شددت النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز على أن القوة الحقيقية لمواجهة ما سمّته “الاستبداد المعاصر” تكمن في وعي المجتمع وقدرته على التنظيم، بينما رأت النائبة لويس فرانكل أن المسؤولية لا تقع فقط على ترامب، بل أيضًا على مَن ينفذون أوامره، مطالبة بمحاسبتهم كجزء من معركة الدفاع عن الديمقراطية.
التاريخ يُعيد إنتاج فيلم هتلر
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، تتزايد التحذيرات من اتساع الهوة بين مَن يرون في ترامب منقذًا للوطنية الأمريكية، ومَن يعتبرونه تهديدًا وجوديًا للنظام الديمقراطي. وبين هذا وذاك، تظل الولايات المتحدة أمام خيارين: الانزلاق نحو شمولية ناعمة تتغلغل تدريجيًا، أو انتفاضة شعبية تُعيد ضبط البوصلة.