أعلن وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة في إرسال رسائل رسمية إلى ما يقرب من 100 دولة حول العالم، تحذر من استئناف تطبيق الرسوم الجمركية مع اقتراب نهاية فترة التجميد المؤقت التي أُعلنت في أبريل الماضي ومدتها 90 يوماً، والتي من المقرر أن تنتهي يوم الأربعاء المقبل.
وأوضح بيسنت، في مقابلة بثتها شبكة CNN ضمن برنامج State of the Union، أن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية تهدف إلى دفع الدول إلى الإسراع في التوصل إلى اتفاقات تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة، وإلا ستعود الرسوم الجمركية المفروضة إلى مستوياتها السابقة، اعتباراً من الأول من أغسطس المقبل.
وقال الوزير الأميركي: “الرسائل ستُوجّه إلى دول عدة، من بينها دول صغيرة لا تربطنا بها علاقات تجارية واسعة، ومعظمها تخضع بالفعل لتعريفات أساسية بنسبة 10%”. وأضاف أن هذه الخطوة تأتي “لإعادة فرض نظام تجاري عادل ومتوازن”.
ترامب يُصعّد… ولكن بحذر
وكان الرئيس ترامب قد ألمح في تصريحات سابقة إلى أن الرسوم الجديدة قد تبدأ من 10% وتصل إلى 70% في بعض الحالات، إلا أن بيسنت استبعد تطبيق هذه النسب القصوى على الدول التي تعد من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، في إشارة إلى حرص الإدارة على موازنة التصعيد الاقتصادي مع الحفاظ على المصالح الاستراتيجية.
وأكد ترامب، في مؤتمر صحافي الجمعة الماضي، أن إرسال الرسائل هو “الخيار الأفضل” للدول التي لم تبادر إلى التفاوض، مشيراً إلى أن المهلة المحددة تنتهي في 9 يوليو، ما يترك أمام هذه الدول أياماً معدودة لتجنب الرسوم الجديدة.
وفي أبريل الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجميداً شاملاً لجميع الرسوم الجمركية لمدة ثلاثة أشهر، لكنه شدد في أكثر من مناسبة على تمسكه بسياسة “الرسوم المرتفعة”، مؤكداً أنه أبرم نحو 200 اتفاق تجاري منذ بداية ولايته، رغم عدم الكشف عن تفاصيل معظم هذه الاتفاقات.
اتفاقات محدودة… ورسائل “حاسمة”
حتى الآن، لم تكشف الإدارة الأميركية سوى عن ثلاثة اتفاقات رسمية مع كل من المملكة المتحدة (التي حافظت على تعريفة بنسبة 10%)، والصين (التي خفّضت رسومها مؤقتاً من 145% إلى 30%)، وفيتنام (التي وافقت على حد أدنى من التعريفات بنسبة 20%).
وفي معرض ردّه على الانتقادات التي وصفت هذه الاتفاقات بأنها “إطارية وغير مكتملة”، قال بيسنت إن الرسائل المرتقبة ستتضمن توضيحات مفصلة بشأن نسب الرسوم، ما يعني – على حد تعبيره – “أننا بصدد إبرام 100 اتفاق فعلي خلال أيام”.
وأكد الوزير أن العديد من الدول لم تتفاعل مع الإدارة الأميركية طوال فترة التجميد، قائلاً: “نحن في موقف قوة الآن لأن لدينا عجزاً تجارياً ضخماً يجب معالجته”.
بين الضغط والمخاوف الاقتصادية
بيسنت شدد على أن هذه الإجراءات تمثل أقصى درجات الضغط ضمن استراتيجية واضحة تهدف إلى تحقيق العدالة التجارية. لكنه نفى أن يكون الأول من أغسطس بمثابة “موعد نهائي جديد”، موضحاً أن هذا التاريخ يمثل فقط بداية تنفيذ الرسوم على الدول التي لم تتوصل إلى تفاهمات.
وأشار إلى أن تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، أدى إلى تسريع المفاوضات مع بروكسل، وهو ما وصفه بيسنت بأنه “نجاح فعلي لسياسة الضغط”.
لكن هذه الاستراتيجية لم تمر دون انتقادات، فقد حذر خبراء اقتصاديون من أن موجة جديدة من الرسوم الجمركية، خصوصاً على الصين، قد تُسفر عن زيادات في أسعار السلع الأساسية في السوق الأميركي. كما أعلنت شركات كبرى مثل Walmart عن نيتها رفع الأسعار لمواكبة التكاليف الإضافية، في خطوة قد تضر المستهلك الأميركي.
خلاف داخل الأوساط الاقتصادية
في المقابل، دافع بيسنت عن السياسات الجمركية للإدارة الأميركية، ووصف المخاوف من التضخم بأنها “مبالغ فيها”، قائلاً في مقابلة على قناة Fox News: “الحديث عن تضخم واسع النطاق مجرد فزاعة إعلامية، نحن لم نشهد حتى الآن أي مؤشرات على تضخم فعلي”.
لكن الأرقام الرسمية أظهرت زيادة طفيفة في مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.1% في مايو، ما رفع معدل التضخم السنوي إلى 2.6%، في ظل ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية.
من جانبه، قال وزير الخزانة الأسبق، لاري سامرز، في تصريحات لقناة ABC، إن التعريفات “قد تعزز الإيرادات الجمركية، لكنها تؤدي إلى ارتفاع التضخم وتُضعف القدرة التنافسية للمُنتجين الأميركيين”، محذرًا من تداعيات سلبية على النمو الاقتصادي.
ورغم هذه التحذيرات، لا يبدو أن إدارة ترامب تنوي التراجع، إذ أكد رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، ستيفن ميران، أن البيانات لا تشير إلى أي ضرر دائم، قائلاً: “الإيرادات تتدفق، مؤشرات التضخم تحت السيطرة، وسوق العمل لا يزال قوياً”.
تابع ايضًا..القطاع الخاص غير النفطي في مصر يواصل الانكماش خلال يونيو