رعب الكانيباليه، أو أكل اللحم البشري هي ظاهرة مخيفة – وقد تبدو للبعض أسطورية، إلا أنها حقيقة موجودة على كوكبنا. وفي الواقع عي عادة قديمة تُعرف علميًا باسم “أنثروبوفاجي” ومارسها البشر قديمًا في أجزاء عديدة من العالم.

رعب الكانيباليه عبر التاريخ

أكل لحوم البشر ظاهرة تاريخية أثارت الرعب والجدل، وارتبطت بأوقات الأزمات، والطقوس الثقافية، وأحيانًا بالأمراض النفسية. ومع أن هذه الممارسة مرفوضة أخلاقيًا وقانونيًا في العالم الحديث، فإنها لا تزال تشكّل موضوعًا مثيرًا للبحث والنقاش.

ويُطلق على الشخص الذي يقوم بهذه الممارسة “آكل لحوم البشر”. يتسع المصطلح ليشمل علم الحيوان، حيث يصف السلوك الذي تتناول فيه الحيوانات أجزاء من أفراد نفس النوع.

في عصور ما قبل التاريخ، وُجدت أدلة تشير إلى ممارسة أكل لحوم البشر من قِبل الإنسان الحديث تشريحيًا، والنياندرتال، وأسلاف الإنسان في العصر البلستوسيني. وفي مصر القديمة والرومانية، وثقت المصادر ممارسة أكل لحوم البشر أحيانًا أثناء الأزمات والمجاعات الشديدة.

بالإضافة إلى ذلك، ارتبطت قبائل الكاريب في جزر الأنتيل الصغرى بممارسة أكل لحوم البشر، مما ساهم في ظهور مصطلح “آكل لحوم البشر”. ومع ذلك، هناك جدل حول دقة هذه الروايات، إذ استُخدمت لتبرير الاستعمار الأوروبي.

كما وُصفت فيجي سابقًا بـ”جزر آكلي لحوم البشر”، وتمت ممارسة هذه الظاهرة في مناطق كحوض الأمازون، الكونغو، نيوزيلندا، ميلانيزيا، وجزر سليمان.

وما لا يعرفه الكثيرون، أن تناول أجزاء من الجسم البشري أو الدم شائعًا لأغراض طبية في أوروبا خلال القرن السابع عشر، واستمر في بعض الحالات حتى القرن التاسع عشر. ولطالما كان أكل لحوم البشر يظهر كملاذ أخير خلال المجاعات أو الكوارث، مثل:

حفلة دونر (1846-1847)

وقعت حينما واجه مجموعة من المهاجرين الأمريكيين المعروفين باسم “جماعة دونر” مصيرًا مأساويًا أثناء محاولتهم الهجرة غربًا إلى ولاية كاليفورنيا في عام 1846. ولكن بسبب اتباع طريق خاطيء، حاصرتهم الثلوج الكثيفة في جبال سييرا نيفادا بالقرب من بحيرة تروكي.

أصبحوا معزولين تمامًا مع نقص في الطعام والإمدادات، واستمر الحصار لمدة أربعة أشهر في ظل ظروف قاسية. ومع استمرار المجاعة وتلاشي الأمل، لجأ بعض أفراد المجموعة إلى أكل لحوم المتوفين من رفاقهم للبقاء على قيد الحياة.

المجاعة الكبرى في أوكرانيا (1932-1933)

تحطم طائرة أوروغواي (1972)، حيث اضطر الناجون إلى تناول لحوم الموتى.

حكاية الرجل الذي طهى ثلاثة من أصدقائه

بين مارس 2016 ومارس 2017، عاد رعب أكل لحوم البشر من جديد إلى دائرة الضوء تحت اسم رجل يُدعى “إدوارد سيليزنيف” والمعروف بلقب “آكل لحوم البشر في العصر الحديث”.

أثار الرجل رعب العالم بعد اعترافه بارتكاب جريمة مروعة تمثلت في قتل ثلاثة من أصدقائه وطهي أجزاء من أجسادهم وأكلها. ووفق التحقيقات، قام الرجل الروسي البالغ من العمر 51 عامًا باستدراج أصدقاءه إلى منزله، وبينما كانوا في حالة سكر شديدة بعد شرب الكحول، قام بطعنهم حتى الموت.

خلال التحقيقات، اعترف سيليزنيف، بأنه قطع أجزاء من أجساد ضحاياه وقام بغليها في الماء قبل أن يتناولها. كما احتفظ ببعض الأجزاء التي أراد تناولها لاحقًا في أكياس بلاستيكية، بينما تخلص من البقايا برميها في نهر قريب.

واعترف أيضًا بأنه كان معتادًا على طبخ وأكل لحوم القطط والكلاب والطيور المحلية والحيوانات الصغيرة التي يجدها في الشوارع. وعندما داهمت الشرطة منزله في مدينة “أرخانجيلسك” شمال روسيا، عثرت على الجثث في حالة تحلل شديد، مما صعب التعرف على هويات الضحايا بسبب التقطيع الجزئي للأجساد.

وأثناء المحاكمة، خضع سيليزنيف لفحوصات طبية لتحديد حالته العقلية وما إذا كان يعاني من أمراض نفسية قد تجعله غير مسؤول قانونيًا عن أفعاله. أكدت التقارير الطبية أنه سليم عقليًا، ولذلك صدر الحكم ضده بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج المشروط.

إقرأ أيضًا: 

قصة أطول زوجين في التاريخ.. حب عمره 150 عامًا باركته الملكة فيكتوريا بالذهب والألماس

ظاهرة أكل لحوم البشر أو الكانيباليه

ظاهرة أكل لحوم البشر تعرف باللغة الإنجليزية بـ Cannibalism، وتعني أكل لحم الجنس البشري ذاته. الكلمة مشتقة من مصطلح إسباني يشير إلى قبائل “كاريب” الهندية التي ذكرها المستكشف كريستوفر كولومبوس في رحلاته.

أسباب أكل لحوم البشر

تم العثور على أدلة أثرية تشير إلى وجود حالات من أكل لحوم البشر في عصور ما قبل التاريخ، حيث تم اكتشاف عظام بشرية تحمل علامات تدل على التقطيع والطهي.

مارست بعض القبائل القديمة، مثل قبائل “كاريب” في منطقة البحر الكاريبي، أكل لحوم البشر كجزء من طقوس دينية أو ثقافية، معتقدة أن ذلك يمنحهم قوة أو شجاعة. وفي بعض الثقافات، أُكل لحوم البشر كان يُمارس لاعتقادهم أن تناول لحم الخصم ينقل قوته أو روحه إلى الآكل.

وفي أوقات الكوارث والمجاعات القاسية، لجأ بعض الناس إلى أكل لحوم البشر للبقاء على قيد الحياة، كما حدث في حصار لينينغراد خلال الحرب العالمية الثانية.

وبعض الحالات الفردية من أكل لحوم البشر ترتبط بأمراض نفسية، مثل الفصام أو اضطرابات الشخصية، حيث يقوم المجرم بذلك نتيجة دوافع مرضية أو خيالات غير طبيعية.