في خطوة مثيرة للجدل داخليًا ودوليًا، أعلن رئيس الكاميرون بول بيا، أقدم رؤساء العالم حاليًا، عزمه الترشح لولاية رئاسية جديدة، وذلك بعد أكثر من أربعة عقود في السلطة، وسط انتقادات من المعارضة ودعوات للتغيير الديمقراطي في البلاد.
رئيس الكاميرون يترشح لولاية جديدة رغم التقدم في العمر
أعلن بيا، البالغ من العمر 92 عامًا، عبر منشور على منصة “إكس”، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 12 أكتوبر 2025. وقال في رسالته: “أنا مرشح لانتخابات الرئاسة… كونوا على ثقة أن تصميمي على خدمتكم يتناسب مع التحديات الجادة التي نواجهها”.

ويشغل بيا منصب الرئيس منذ عام 1982، بعدما كان قد تولى منصب رئيس الوزراء منذ عام 1975. ويعرف عن الرئيس الكاميروني إقامته الطويلة خارج البلاد، حيث يقضي معظم وقته مع زوجته في سويسرا.
انتقادات ومعارضة متزايدة
رغم أن الكاميرون تُصنف رسميًا كدولة ديمقراطية متعددة الأحزاب، إلا أن المعارضة والمجتمع المدني وحرية الصحافة يواجهون قيودًا شديدة. وكانت المعارضة قد اتهمت السلطات بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2018، حيث أظهرت النتائج الرسمية حصول بيا على نحو 71% من الأصوات، بينما لم يحصل أقرب منافسيه سوى على 14%.
وفي تصريح لوكالة “أسوشيتد برس”، قال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان نكونغو فيليكس أغبور: “إعلان الرئيس بيا الترشح مجددًا دليل واضح على جمود عملية الانتقال السياسي في الكاميرون. بعد أكثر من 40 عامًا في السلطة، ما تحتاجه البلاد هو التجديد وليس التكرار. يستحق الشعب الكاميروني تغييرا ديمقراطيا وقيادة خاضعة للمساءلة”.

أزمة داخلية وصراعات دامية
تعاني الكاميرون، التي كانت مستعمرة ألمانية سابقة وتقاسمتها فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، من صراع داخلي دموي منذ عام 2017 بين المناطق الناطقة بالفرنسية وتلك الناطقة بالإنجليزية. وأسفرت هذه المواجهات عن مقتل أكثر من 6500 شخص ونزوح ما يقرب من 600 ألف شخص.
في العام الماضي، اتخذت السلطات قرارًا بحظر التكهنات حول صحة الرئيس رسميًا، في خطوة اعتبرها مراقبون دليلاً على الانغلاق السياسي وتقييد حرية التعبير.
انشقاقات في صفوف الموالين
في مؤشر على تصاعد الغضب الداخلي، أعلن عدد من حلفاء الرئيس بيا القدامى انشقاقهم عن الحزب الحاكم، مع إعلان نيتهم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما يعكس بوادر انقسامات داخل الدائرة المقربة من الرئيس المخضرم.

بين انتقادات المعارضة، وتصاعد الأزمات الداخلية، وانشقاقات الحلفاء، يبدو أن ترشح بول بيا لولاية ثامنة سيزيد من سخونة المشهد السياسي في الكاميرون، بلد أنهكته عقود من الحكم المستمر وصراعات الهوية والانقسامات اللغوية، ويقف اليوم أمام مفترق طرق بين الاستمرار أو التغيير.
