دخلت حرب روسيا وأوكرانيا مرحلة جديدة من التصعيد السياسي والعسكري بعد أن أثارت تصريحات أميركية بشأن إمكانية تزويد كييف بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى جدلًا واسعًا وردود فعل قوية من الجانب الروسي.
روسيا: من يطلق الصواريخ؟
قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الإثنين، إن موسكو تقوم حاليًا بتحليل دقيق لاحتمال تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” الأميركية، التي يصل مداها إلى 2500 كيلومتر، وهو مدى كافٍ لاستهداف موسكو من الأراضي الأوكرانية.

وأضاف بيسكوف متسائلًا: “من الذي سيطلق هذه الصواريخ؟ هل يستطيع الأوكرانيون القيام بذلك بأنفسهم، أم أن الجنود الأميركيين هم من سيتولى المهمة؟ ومن يحدد إحداثيات أهدافها؟ هل هو الجانب الأميركي أم الأوكراني؟”
وأشار إلى أن هذه التساؤلات تستدعي تحليلًا معمّقًا للغاية قبل أن تحدد موسكو موقفها الرسمي، محذرًا من أن أي دعم أميركي مباشر في عمليات الاستهداف قد يجعل واشنطن طرفًا مباشرًا في الصراع.
تحذيرات بوتين السابقة
يأتي موقف روسيا الجديد امتدادًا لتحذيرات سابقة أطلقها الرئيس فلاديمير بوتين، الذي اعتبر أن تزويد كييف بإحداثيات ومعلومات استخباراتية غربية يجعل من الدول الداعمة “طرفًا مباشرًا” في الحرب. بوتين شدد أكثر من مرة على أن نقل أسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا يمثل تصعيدًا خطيرًا يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
وكان نائب الرئيس الأميركي، جيه. دي. فانس، قد صرّح الأحد بأن واشنطن تدرس طلبًا أوكرانيًا للحصول على صواريخ “توماهوك”. وأكد أن القرار النهائي في هذا الشأن سيعود إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال فانس خلال مشاركته في برنامج “فوكس نيوز صنداي” إن الملف يخضع لمناقشات دقيقة داخل الإدارة الأميركية، في ظل إدراك واشنطن لحساسية الموقف.
اقرأ أيضًا:
فيضانات السودان تعيد الجدل حول سد النهضة: بين مخاطر متجددة وفوائد مؤجلة
موقف أوكرانيا: ضرب العمق الروسي
من جهته، يواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مطالبة الولايات المتحدة ببيع صواريخ “توماهوك” إلى الدول الأوروبية، لتقوم بدورها بنقلها إلى أوكرانيا، بهدف تنفيذ ضربات بعيدة المدى داخل عمق روسيا.
وفي السياق ذاته، قال كيث كيلوغ، المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا، إن الرئيس ترامب ألمح في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تمكين كييف من استخدام قدرات هجومية تصل إلى العمق الروسي، مؤكدًا في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”: “لا وجود لما يُسمّى بالمناطق المحصّنة، وأعتقد أن الإجابة هي نعم، كييف يجب أن تستخدم القدرة على الضرب في العمق”.

موسكو: لا سلاح سحري سيغير المعركة
رغم مخاوف روسيا من تزويد كييف بهذه المنظومة الصاروخية المتقدمة، شدد بيسكوف على أن لا سلاح سحري قادر على تغيير موازين المعركة بشكل جذري، قائلاً: “حتى لو تم تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك أو غيرها، فلن يكون بمقدورها قلب المعادلة الميدانية لصالح نظام كييف في هذه المرحلة”.
يرى مراقبون أن تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” — إن تم — قد ينقل الحرب إلى مستوى جديد من التصعيد العسكري، مع احتمالات لرد روسي أكثر قوة ضد كييف وربما ضد المصالح الغربية في المنطقة. كما أن القرار الأميركي المحتمل سيعكس مدى استعداد إدارة ترامب للمضي قدمًا في دعم أوكرانيا بوسائل هجومية قد تغيّر قواعد الاشتباك.