دخلت اليابان مرحلة سياسية فارقة مع انتخاب ساناي تاكايشي، كأول امرأة تتولى منصب رئيسة وزراء اليابان في تاريخ البلاد، لتصبح واحدة من أكثر الزعماء نزعة قومية وتشددًا يمينيًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
تاكايشي، البالغة من العمر 64 عامًا، تواجه أسابيع حاسمة لتأمين الأغلبية البرلمانية، وتشكيل حكومتها الجديدة، وبناء علاقة قوية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يُتوقع أن يزور طوكيو نهاية الشهر الجاري.

أزمة الأغلبية والائتلاف الحاكم
تأتي تاكايشي إلى السلطة في ظرف سياسي صعب، بعدما فقد رئيس الوزراء السابق شينغورو إيشيبا الأغلبية البرلمانية لأول مرة منذ عقود.
ورغم أن الحزب الليبرالي الديمقراطي ما يزال يمتلك أكبر عدد من المقاعد، إلا أن المعارضة منقسمة، ما يتيح لتاكايشي فرصة محدودة للمناورة.
ومع ذلك، تحتاج رئيسة الوزراء الجديدة إلى تعاون أحزاب المعارضة لتمرير القوانين والموازنات، وهو ما يُعقد مهمتها بسبب توجهاتها اليمينية المتشددة التي قد تهدد تحالفها مع حزب كوميتو (حزب الحكومة النظيفة)، الشريك التقليدي في الحكم منذ أكثر من 26 عامًا.
ساناي تاكايشي.. “المرأة الحديدية” اليابانية
تُلقب تاكايشي بـ”المرأة الحديدية”، وهي أول امرأة تقود اليابان منذ تنازل الإمبراطورة غو-ساكوراماتشي عن العرش عام 1771.
تستلهم نهجها من رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، التي تصفها بأنها قدوة في القيادة القوية والشجاعة السياسية.
وقالت تاكايشي سابقًا: “أُعجب بتاتشر لأنها نفذت السياسات التي اعتقدت أنها ضرورية للشعب، حتى لو لم تكن شعبية”.
مواقف مثيرة للجدل
سياسات ساناي تاكايشي القومية تثير جدلاً داخليًا وخارجيًا:
زيارات متكررة لمعبد ياسوكوني، الذي يكرم قتلى الحروب بمن فيهم مجرمو حرب، ما يثير استياء الصين وكوريا الجنوبية.
الدعوة إلى زيادة الإنفاق العسكري وتخفيف القيود على دخول الأسلحة النووية الأميركية إلى اليابان.
معارضة الهجرة الواسعة النطاق، في وقت تحتاج فيه اليابان إلى عمالة بسبب التحديات الديموغرافية.
هذه المواقف قد تكسبها دعمًا من إدارة ترامب، لكنها تهدد بعلاقات متوترة مع دول الجوار الآسيوي.
اقرأ أيضًا:
عائلات الرهائن الإسرائيليين تطالب بمنح ترامب جائزة نوبل للسلام وسط جدل دولي حول أحقيته
خلفية شخصية وإنسانية
بعيدًا عن السياسة، تمتلك تاكايشي جوانب إنسانية متعددة:
في شبابها كانت عازفة طبول في فرقة روك.
تزوجت مرتين من النائب السابق تاكو ياماموتو بعد طلاق وعودة.
لديها ثلاثة أبناء بالتبني، وتحدثت بصراحة عن عدم قدرتها على الإنجاب بعد عملية جراحية.

خططها للحكومة الجديدة
في الحكومة السابقة، كان هناك وزيرتان فقط. أما ساناي تاكايشي، فقد وعدت بزيادة تمثيل النساء في المناصب الوزارية، قائلة: “لن أختار النساء لمجرد أنهن نساء، بل سأعيّن القادرات على خدمة الوطن”.
تطمح تاكايشي للوصول إلى نسب تمثيل نسائي قريبة من دول الشمال الأوروبي، لكنها في الوقت ذاته:
ترفض تعديل قوانين الزواج التي تسمح للنساء بالاحتفاظ بأسمائهن الأصلية.
تعارض تولي النساء للعرش الإمبراطوري.
ويرى المدافعون عن حقوق المرأة أن صعودها قد يكون خطوة للوراء في مسيرة المساواة، في مجتمع يُعد من أكثر المجتمعات ذكورية ومحافظة بين الديمقراطيات المتقدمة.
مع اقتراب التصويت البرلماني المقرر في 15 أكتوبر/تشرين الأول لتثبيت تعيينها رسميًا، يقف العالم أمام تجربة جديدة في اليابان، فهل ستنجح ساناي تاكايشي في فرض رؤيتها القومية واليمينية في مجتمع سياسي تقليدي، أم ستواجه عراقيل داخلية وخارجية تعصف بحكومتها مبكرًا؟