في تصعيد جديد للنزاع الحدودي بين بيرو وكولومبيا، أعلنت رئيسة بيرو، دينا بولوارت، في خطاب رسمي من جزيرة سانتا روزا الواقعة على نهر الأمازون، أن بلادها لن تتنازل “عن سنتيمتر مربع واحد” من أراضيها، مشددة على أن الجزيرة ومحيطها جزء لا يتجزأ من السيادة البيروفية. جاءت هذه التصريحات خلال زيارة رمزية قوية أجرتها الرئيسة إلى الجزيرة الواقعة على أطراف حدود بلادها الشمالية الشرقية، والتي تشهد توترًا متزايدًا منذ بداية هذا العام بسبب مطالبة كولومبيا بها.

خطاب من قلب الجزيرة.. ورسالة واضحة لبوجوتا

من وسط الساحة المركزية لجزيرة سانتا روزا، وأمام كبار الضباط العسكريين وممثلي الحكومة المحلية، ألقت الرئيسة البيروفية خطابًا متلفزًا نقلته كبرى القنوات المحلية، أكدت فيه أن:“جزيرة تشينيريا ومنطقة سانتا روزا التابعة لها بيروفية، ولن نتنازل عن سنتيمتر واحد من أراضينا، هذه الأرض هي جزء من تاريخنا وحدودنا المكرسة دوليًا”.

جاء هذا الخطاب كموقف صريح ردًا على ما وصفته ليما بـ”الاستفزازات الكولومبية”، في وقت تزداد فيه حساسية ملف ترسيم الحدود المائية والجزرية بين الدولتين.

اقرأ أيضًا

ترامب يغادر ألاسكا بعد قمة ناجحة مع بوتين حول أوكرانيا

نزاع حدودي متجدد على ضفاف الأمازون

تعود جذور النزاع إلى الطبيعة الجغرافية المتغيرة لنهر الأمازون، حيث أن تغير مسار النهر بفعل العوامل البيئية يؤدي إلى نشوء جزر جديدة في مناطق حدودية حساسة.
وتؤكد بيرو أن جزيرة سانتا روزا هي امتداد طبيعي لجزيرة تشينيريا، التي تقع ضمن حدودها الإقليمية، وأن تكونها جاء نتيجة انخفاض منسوب مياه الأمازون.
في المقابل، ترى كولومبيا أن الجزيرة نشأت بعد توقيع المعاهدات الدولية التي حددت الحدود، وبالتالي فهي ليست مشمولة في اتفاقات الترسيم، ولم تكن تابعة لأي من الدولتين سابقًا، ما يفتح الباب أمام مطالبة جديدة.

معاهدات عمرها قرن وتفسير مختلف للواقع

تستند بيرو في موقفها إلى معاهدات وقعت قبل قرن، والتي – بحسب ليما – وضعت خطوطًا واضحة للحدود بين البلدين، بما يشمل الجزر والمسطحات المائية.
في عام 2024، كانت ليما قد قدمت مذكرة احتجاج دبلوماسية إلى بوجوتا، بعد تصريحات لمسؤول كولومبي وصف فيها الوجود البيروفي على سانتا روزا بأنه “احتلال غير نظامي”، ما أثار موجة من الغضب الرسمي والشعبي داخل بيرو.

ويبدو أن هذه الخلافات التاريخية قد عادت لتطفو على السطح من جديد، خصوصًا مع تفاقم التوترات الأمنية في المنطقة.

استفزازات كولومبية

وفي تصعيد وصفته بيرو بـ”الخطير”، قامت طائرة عسكرية كولومبية بالتحليق فوق الجزيرة في الأسبوع الماضي، في خطوة فسرتها ليما بأنها محاولة لاستعراض القوة وانتهاك مباشر للسيادة الوطنية.
وتزامن هذا الحدث مع تصريحات للرئيس الكولومبي جوستافو بيترو، شكك فيها علنًا بسيادة بيرو على الجزيرة، مما دفع القيادة البيروفية إلى إرسال إشارات دبلوماسية وعسكرية صارمة.

سانتا روزا: جزيرة صغيرة في مهب السياسة الكبرى

تقع جزيرة سانتا روزا في منطقة استراتيجية عند نقطة التقاء حدود بيرو وكولومبيا والبرازيل، ويعيش فيها قرابة 3000 نسمة، يعتمدون على الزراعة وصيد الأسماك والتجارة النهرية.
وتعتبرها بيرو منطقة حدودية ذات أهمية بالغة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية، وهي تابعة إداريًا لجزيرة تشينيريا البيروفية.

أما كولومبيا، فتحاول الدفع باتجاه إعادة فتح ملف ترسيم الحدود المائية، مستندة إلى المتغيرات البيئية والجغرافية التي طرأت على المنطقة منذ توقيع المعاهدات الأصلية.