يسعى العلماء منذ عقود إلى إيجاد وسائل فعّالة وآمنة لمساعدة الناس على إنقاص الوزن دون اللجوء إلى الحميات القاسية أو التمارين المكثفة، التي يصعب الالتزام بها على المدى الطويل.
وفي تطور لافت، كشف باحثون مؤخرًا عن طريقة غير مألوفة تعتمد على ما يُعرف بـ«خداع الجسم بالجاذبية»، وهو نهج جديد قد يغيّر مفاهيم إنقاص الوزن التقليدية.
وتستند الفكرة إلى ارتداء سترات أو أوزان مرجّحة تحفّز الجسم على حرق الدهون بشكل طبيعي عبر ما يُعرف بـ«نظرية الجاذبية»، التي تفترض أن الجسم يمتلك نظامًا داخليًا في العظام يعمل كمستشعر للوزن ويقوم بتنظيم عملية الأيض بناءً على التغيرات التي يشعر بها.
فعندما تستشعر العظام زيادة في الوزن، ترسل إشارات إلى الدماغ لتحفيز الجسم على استهلاك طاقة أكبر وتقليل تخزين الدهون للحفاظ على التوازن.
تجربة علمية تؤكد فعالية «خداع الجاذبية»
للتأكد من صحة النظرية، أجرى الدكتور برينان شبيغل، مدير أبحاث الخدمات الصحية في مركز سيدارز سيناي الطبي في لوس أنجلوس، تجربة ذاتية استمرت ثمانية أسابيع، ارتدى خلالها سترة مرجّحة وأوزانًا للكاحل بلغ مجموعها 18 كيلوجرامًا دون أي تغيير في نظامه الغذائي أو روتينه الرياضي.
وأوضح شبيغل أن «ارتداء السترات المرجّحة يزيد من تأثير الجاذبية على الجسم، ما يخدعه ليظن أنه أثقل وزنًا، فينشّط استجابة بيولوجية تعدّل الشهية والتمثيل الغذائي وحتى كمية الدهون المخزنة. وكأن هناك مدربًا داخليًا لإنقاص الوزن داخل عظامك».
وبعد انتهاء التجربة، فقد شبيغل نحو 1.8 كيلوجرام من وزنه، وتحسّنت لياقته القلبية والعضلية، كما اختفت آلام الرقبة المزمنة التي كان يعاني منها منذ سنوات.
ويشير إلى أن ارتداء هذه الأوزان يحوّل الأنشطة اليومية البسيطة — مثل المشي أو صعود السلالم — إلى تمارين منخفضة التأثير تساعد على تقوية العضلات وتعزيز المرونة.
نتائج دراسات دولية تدعم النظرية
تتوافق نتائج تجربة شبيغل مع دراسة أجرتها جامعة غوتنبرغ السويدية، شارك فيها بالغون يعانون من السمنة، ارتدوا سترات تزن 11% من وزنهم لمدة ثماني ساعات يوميًا على مدار ثلاثة أسابيع.
وأظهرت النتائج أن المشاركين فقدوا في المتوسط 1.4 كيلوجرام من أوزانهم، وانخفضت لديهم نسبة الدهون بمعدل تجاوز 4%، في حين لم تُظهر المجموعة التي استخدمت سترات خفيفة الوزن أي تغيّر يُذكر.
ويُفسر العلماء هذه الظاهرة بأن العظام، خصوصًا في الساقين، تعمل كمستشعرات للجاذبية، فعندما تشعر بوزن زائد تُرسل إشارات إلى الدماغ لحرق الدهون الزائدة وتقليل الكتلة الكلية للجسم.
ويزداد هذا التأثير وضوحًا أثناء الأنشطة التي تتحدى الجاذبية مثل المشي صعودًا أو الوقوف لفترات طويلة، حيث يبذل الجسم جهدًا أكبر للحفاظ على التوازن.
تحذيرات طبية وتوصيات للاستخدام الآمن
ورغم النتائج الواعدة التي تبشر بأسلوب جديد لإدارة الوزن، يحذر الخبراء من الإفراط في استخدام السترات المرجّحة، إذ يمكن أن يؤدي الوزن الزائد إلى إجهاد المفاصل والعظام، خصوصًا العمود الفقري والركبتين.
ويوصي الأطباء بالبدء بأوزان خفيفة لا تتجاوز 5% من وزن الجسم، مع الحفاظ على وضعية سليمة أثناء الحركة والتدرج في زيادة الوزن تدريجيًا لتجنّب الإصابات.
ويؤكد الدكتور شبيغل أن هذا النهج البسيط قد يفتح الباب أمام ثورة في فهم كيفية تفاعل الجسم مع الجاذبية، مضيفًا أن «الخطوة التالية هي دراسة التأثيرات طويلة الأمد لهذا الأسلوب لتحديد مدى أمانه وفعاليته على نطاق واسع».
ويرى الخبراء أن «خداع الجاذبية» قد يكون مستقبل إنقاص الوزن الطبيعي، لأنه لا يعتمد على الحرمان الغذائي أو الجهد البدني المفرط، بل على إعادة تفعيل قدرة الجسم الذاتية على ضبط توازنه الداخلي.
اقرأ ايضًا…6 أسباب غير متوقعة للصداع لا علاقة لها بالتوتر أو ضغط الدم