في السنوات الأخيرة شهدت الساحة السياسية في أمريكا وإسرائيل وقائع عزل لكثير من المسؤولين البارزين الذين وقعوا وقعوا في وحل الحرام، ما أدى إلى استقالات أو عزل من مناصبهم، وسببت جدلًا واسعًا في الرأي العام ووسائل الإعلام، وكشفت عن ثغرات في نظم الرقابة والمحاسبة داخل المؤسسات الحكومية.
في الولايات المتحدة، شهد مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) فضيحة مدوية بعدما كشف تقرير لمكتب المفتش العام بوزارة العدل أن أحد المشرفين الكبار في المكتب تورط في إقامة علاقات جنسية مدفوعة الأجر أثناء مهمات رسمية، مستغلًا منصبه واستخدامه لأجهزة حكومية لغرض شخصي. لم تتم محاكمته جنائيًا، لكن التقرير وصف سلوكه بأنه انتهاك صارخ لثقة الجمهور ويعرض الأمن القومي للخطر، مما استدعى اتخاذ إجراءات تأديبية صارمة ضده.
تاريخ القوات الجوية الأمريكية
وفي سابقة غير معهودة في تاريخ القوات الجوية الأمريكية، أُدين الجنرال ويليام “بيل” كولي بتهمة الاتصال الجنسي المسيء، بعد أن اتهمته زوجة أخيه بالتحرش الجنسي بها. وبعد محاكمة عسكرية، حُكم عليه بتخفيض رتبته من جنرال إلى عقيد عند التقاعد، مع عقوبات إضافية تمثلت في الحرمان من بعض المزايا المالية والعسكرية. هذه القضية لاقت صدى واسعًا باعتبارها الأولى من نوعها التي يُدان فيها ضابط برتبة جنرال بهذه التهمة في محكمة عسكرية.
ومن أبرز الأسماء أيضًا، ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، الذي اضطر إلى تقديم استقالته عام 2012 عقب انكشاف علاقة غير شرعية جمعته بكاتبة سيرته الذاتية. ورغم أن العلاقة لم تُصنف كجريمة، إلا أنها شكلت خرقًا واضحًا للأعراف الأخلاقية والمهنية، ما دفعه إلى التنحي حفاظًا على سمعة المؤسسة.
أما حاكم نيويورك السابق إليوت سبitzer، فقد استقال في عام 2008 بعد أن كشفت تحقيقات فدرالية تورطه في استئجار خدمات جنسية عبر وكالة دعارة راقية. ورغم شهرته بمكافحة الفساد خلال توليه منصب المدعي العام، إلا أن هذه الفضيحة أنهت مسيرته السياسية بشكل مفاجئ.
أما في إسرائيل، فقد كانت الفضائح مشابهة في طابعها ولكنها طالت مسؤولين حكوميين ودبلوماسيين على مستويات عليا. فقد استقال سيلفان شالوم، نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية السابق، في ديسمبر 2015 بعد سلسلة من الاتهامات من موظفات حكوميات اتهمنه بسلوك جنسي غير لائق، بعضها يعود إلى سنوات ماضية. ورغم نفيه للتهم، إلا أن الضغط الإعلامي والسياسي دفعه إلى الانسحاب من الحياة العامة.
اقرأ أيضا..
رغم اقتحام بن جفير وكاتس.. مكتب نتنياهو: “لا تغيير في سياسة الوضع القائم بالمسجد الأقصى”
وفي قضية أخرى، أُجبر نيتان إشيل، رئيس مكتب رئيس الوزراء آنذاك، على ترك منصبه بعد تحقيق داخلي كشف قيامه بتصوير موظفة دون علمها، والدخول إلى أجهزتها الشخصية دون إذن، وهو ما اعتُبر خرقًا للأمانة الوظيفية وانتهاكًا للخصوصية. وقد تم إبعاده رسميًا عن أي منصب حكومي لاحقًا.
وفي حادثة شهدتها القنصلية الإسرائيلية في شيكاغو، تم عزل موظفة كبيرة تُدعى ميخال كيرين ديفيد بعد إدانتها بمضايقات جنسية تجاه أربع موظفات في الفترة بين عامي 2021 و2022. وقد اعترفت بسلوكها غير اللائق أمام لجنة تأديبية حكومية، وتم فرض عقوبة الإبعاد عن أي منصب رسمي لمدة ثماني سنوات.
قضية السفير الإسرائيلي السابق في المغرب، ديفيد جوفرين، أثارت بدورها جدلًا واسعًا بعد استدعائه على خلفية اتهامات تتعلق بتحرش جنسي واستغلال سلطته داخل السفارة. ورغم أن نتائج التحقيق لم تُعلن بشكل رسمي، إلا أن القضية وضعت وزارة الخارجية الإسرائيلية في موقف محرج.
استقالة عضو الكنيست يينون ماجال
وتجدر الإشارة إلى استقالة عضو الكنيست يينون ماجال في عام 2015، بعد اتهامه بالتحرش بزميلات في العمل خلال فترة عمله في الإعلام والسياسة، ما دفعه إلى التخلي عن مقعده في الكنيست رغم إنكاره الكامل للاتهامات.
تُظهر هذه الحالات كيف أن السلوك غير الأخلاقي لا يقتصر على الطبقة السياسية في بلد دون آخر، بل يعكس خللًا في البنية الرقابية وضعفًا أحيانًا في مهنية بعض المسؤولين. ومع تزايد الوعي المجتمعي، لم تعد مثل هذه الفضائح تمر دون مساءلة أو تداعيات قانونية أو سياسية، بل أصبحت تمثل اختبارًا حقيقيًا لمصداقية المؤسسات وقدرتها على التصدي للفساد الأخلاقي في صفوفها.