في خطوة علمية واعدة قد تُحدث تحولاً في علاج سرطان الثدي، أعلن باحثون في جامعة ساو باولو بالبرازيل، عن اكتشاف مركب بيولوجي فريد في سمّ عقرب يعيش في غابات الأمازون يُظهر قدرة على قتل خلايا سرطان الثدي بطريقة مشابهة للعلاج الكيميائي المعروف، باكليتاكسيل.

سرطان الثدي.. تهديد مستمر لحياة النساء
وفقاً للجمعية الأمريكية للسرطان، يُعدّ سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء في الولايات المتحدة، حيث يُمثل ما يقرب من 30% من حالات السرطان الجديدة لدى النساء سنويًا، وتشير التقديرات إلى أن نحو 42,170 امرأة قد تفقد حياتها بسبب المرض في عام 2025، مما يعكس الحاجة الملحة لتطوير علاجات جديدة وأكثر فعالية.
مفتاح علاج جديد لسرطان الثدي
العقرب الذي يحمل اسم “بروثياس أمازونيكوس” (Brotheas amazonicus)، يعيش في عمق غابات الأمازون المطيرة، وقد أظهرت تحاليل أجراها فريق من العلماء أن سمه يحتوي على ببتيد يُدعى BamazScplp1، وهو مركب قصير السلسلة من الأحماض الأمينية، أثبت فعاليته في القضاء على خلايا سرطان الثدي في التجارب المعملية.
وقالت الدكتورة إليان كاندياني أرانتيس، منسقة المشروع وأستاذة في جامعة ساو باولو: “من خلال التنقيب البيولوجي، تمكنا من تحديد هذا الجزيء، الذي يُحفّز النخر في الخلايا السرطانية، أي تدميرها بشكل غير منظم حتى تنفجر وتموت، على غرار ما يفعله العلاج الكيميائي”.
ما هو التنقيب البيولوجي؟
التنقيب البيولوجي هو عملية استكشاف المركبات الفعالة بيولوجيًا من الكائنات الحية، بما في ذلك الحيوانات والنباتات والكائنات الدقيقة، في هذه الحالة، استكشف الفريق البرازيلي سمّ العقرب بحثًا عن جزيئات نشطة يمكن أن يكون لها تأثير علاجي، مثل مكافحة السرطان أو العدوى.
إنتاج الدواء في المختبر.. عبر الخمائر
نظرًا لصعوبة استخراج هذه الجزيئات مباشرة من العقارب، يستخدم الباحثون تقنية تُعرف باسم “التعبير الجيني غير المتجانس”، يتم فيها إدخال الجين المنتج للبروتين المستهدف في كائن حي آخر (مثل الخمائر أو البكتيريا) لإنتاجه بكميات كبيرة، واختار العلماء نوعًا من الخميرة يُعرف بـ Pichia pastoris، يُستخدم على نطاق واسع في التكنولوجيا الحيوية لإنتاج البروتينات النادرة.
السم في خدمة الطب
لم يكن هذا الابتكار الأول من نوعه في البرازيل، إذ سبق لمركز دراسة السموم والحيوانات السامة (CEVAP) أن طوّر “مانع تسرب الفيبرين”، وهو نوع من الغراء الطبي البيولوجي يعتمد على دمج بروتين موجود في سم الثعابين مع مكوّنات من دم الحيوانات مثل الجاموس أو الأغنام، وقد أظهر نتائج واعدة في إصلاح الأعصاب وعلاج العظام وإصابات الحبل الشوكي، ويجري اختباره حاليًا في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.
اقرأ أيضًا
كيف تعتني ببشرتك بعد المصيف؟ خلطات طبيعية تعيد النعومة والإشراق
أبحاث متعددة ومركز متخصص للابتكار الحيوي
تجري هذه الأبحاث ضمن إطار مركز العلوم التطبيقية وتطوير المستحضرات الصيدلانية الحيوية (CTS)، المدعوم من مؤسسة FAPESP، وهي جهة حكومية تُعنى بتمويل الأبحاث العلمية في البرازيل، ويُعد المركز منصة لتسريع تحويل الاكتشافات البيولوجية إلى أدوية عملية، تشمل أبحاثًا على بروتينات أفاعٍ مثل مركب CdtVEGF، الذي يحفّز نمو الأوعية الدموية، ما قد يُستخدم في تجديد الأنسجة.
خطوات قادمة نحو التجارب السريرية
رغم أن الاكتشاف لا يزال في مراحله الأولى، فقد عُرضت نتائجه في مؤتمر علمي دولي أقيم في مدينة تولوز الفرنسية، ضمن فعاليات أسبوع FAPESP، ما يعكس اهتمامًا متزايدًا عالميًا باستغلال الموارد الطبيعية في تطوير العلاجات الحديثة، ويأمل الباحثون أن يُسهم هذا المركب في تطوير دواء جديد مضاد لسرطان الثدي بفعالية عالية وآثار جانبية أقل مقارنة بالعلاجات التقليدية.