في خطوة علمية غير مسبوقة، أعلن فريق من العلماء السويسريين عن تطوير أدمغة مصغّرة بشرية بهدف استخدامها لتشغيل أجهزة كمبيوتر قائمة على الخلايا الحية.
ويقود المشروع الدكتور فريد غوردان في مختبر “فاينال سبارك”، حيث يسعى العلماء إلى دمج علم الأحياء بعالم الحوسبة لإنشاء ما يمكن تسميته بـ”الحواسيب الحيوية”.
ووفق ما نقلته شبكة «بي بي سي» البريطانية، تبدأ العملية باستخدام خلايا جذعية مشتقة من خلايا جلد بشرية يتم شراؤها من عيادة في اليابان، ليُعاد تشكيلها في المختبر لتتحول إلى خلايا عصبية تُنَمّى على شكل مجموعات تُعرف باسم “العضويات” (organoids).
أدمغة مصغّرة تنمو في المختبر
تبدو العضويات الناتجة ككرات بيضاء صغيرة، تمثل كل واحدة منها دماغًا مصغّرًا يحتوي على المكونات الأساسية نفسها الموجودة في الدماغ البشري، وإن كانت أبسط منه بكثير من حيث البنية والتعقيد.
وبعد عملية تنمية تستمر عدة أشهر، تصبح هذه العضويات جاهزة للتوصيل بأقطاب كهربائية، لتبدأ مرحلة التجارب على استخدامها كوحدات معالجة حيوية قادرة على أداء مهام حوسبية بسيطة.
ويرى العلماء أن هذه الخطوة تمثل محاولة جريئة لاستكشاف حدود جديدة بين التكنولوجيا والبيولوجيا، لكنها ما تزال في مراحلها الأولية وتواجه تحديات علمية كبيرة.
تحديات بيولوجية تهدد استمرارية التجربة
أوضح الدكتور غوردان أن التحدي الأكبر يتمثل في الحفاظ على استمرارية عمل الحواسيب الحيوية، مشيرًا إلى أن تشغيل جهاز كمبيوتر تقليدي لا يحتاج سوى إلى مصدر للطاقة، بينما تحتاج الحواسيب الحيوية إلى آليات أكثر تعقيدًا لتأمين بقائها.
وأضاف أن الدماغ البشري يمتلك شبكة أوعية دموية تُغذّيه باستمرار، بينما تفتقر العضويات المزروعة إلى مثل هذه الشبكات، ما يجعل من الصعب إبقاؤها على قيد الحياة لفترات طويلة.
وأكد أن العلماء ما زالوا يحاولون تطوير طريقة فعّالة لتزويد هذه الأدمغة المصغّرة بالغذاء والأكسجين بشكل مستدام.
حياة قصيرة ونشاط غامض قبل الموت
وأشار فريق البحث إلى أن العضويات التي تم تطويرها يمكنها البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى أربعة أشهر قبل أن تبدأ بالاضمحلال تدريجيًا.
ولاحظ الباحثون أن بعض هذه العضويات تُظهر نشاطًا كهربائيًا متسارعًا قبيل موتها، يشبه النشاط الدماغي الذي لوحظ عند بعض البشر في لحظاتهم الأخيرة.
وكشف الفريق أنه سجّل نحو ألفي حالة وفاة لهذه العضويات خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكدًا أن الهدف من التجارب ليس خلق وعي بشري مصغّر، بل فهم كيفية تفاعل الخلايا العصبية مع التكنولوجيا.
وأعرب العلماء عن أملهم في أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير هذه التجارب مستقبلًا، عبر تحليل الأنماط العصبية وتحسين قدرة العضويات على التعلم والمعالجة.
اقرأ ايضًا…اختراق بيانات محدود على منصة “ديسكورد” عبر مزود دعم خارجي: الشركة تحقق وتتخذ إجراءات فورية