في حدث استثنائي لعشاق الحفريات والمهتمين بعالم الديناصورات، بيع هيكل عظمي نادر لديناصور من نوع سيراتوصور يبلغ عمره نحو 150 مليون عام، مقابل مبلغ ضخم بلغ 30.5 مليون دولار.
ليصبح بذلك ثالث أغلى أحفورة بيعت في مزاد علني على الإطلاق.
في عالم الديناصورات.. بيع هيكل عظمي نادر
ويُعد هذا الهيكل العظمي واحدًا من أربعة هياكل فقط معروفة لهذا النوع من الديناصورات، وهو العينة الوحيدة المكتشفة حتى الآن التي تعود لديناصور سيراتوصور صغير السن، ما يزيد من قيمته العلمية والتاريخية.
قبل أن يُعرض للبيع في المزاد، كان الهيكل محفوظًا ومعروضًا للجمهور في متحف ماونتن أمريكا للحياة القديمة في ثانكسجيفينج بوينت بمدينة ليهاي بولاية يوتا الأميركية.
وكان من المتوقع أن تتراوح قيمة الأحفورة بين 4 و6 ملايين دولار، إلا أن السعر النهائي تجاوز هذه التقديرات بأكثر من خمسة أضعاف.
وقد بيعت الأحفورة في مزاد أقامته دار سوذبيز الشهيرة، في عملية لم تستغرق سوى ست دقائق فقط من المزايدة، وسط اهتمام كبير من المشترين. وعلى الرغم من القيمة التاريخية والعلمية الكبيرة، لم تُفصح دار المزادات حتى الآن عن هوية المشتري.

عالم الديناصورات: اكتشاف نادر وفريد من نوعه
تعود قصة اكتشاف هذا السيراتوصور الصغير إلى عام 1996، عندما عُثر عليه بالقرب من محجر بون كابين في ولاية وايومنغ، وهي منطقة معروفة بثرائها بالحفريات التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
وتمتاز هذه العينة تحديدًا بأنها الوحيدة التي تمثل سيراتوصورًا صغيرًا، إضافة إلى أنها رابع هيكل عظمي فقط يُكتشف لهذا النوع من الديناصورات على الإطلاق.
ويبلغ ارتفاع الهيكل أكثر من مترين ونصف، بينما يصل طوله إلى نحو 11 قدمًا. وتُقدّر أجزاؤه الأصلية بـ139 قطعة عظمية أحفورية، إضافة إلى بعض العناصر المنحوتة التي أُضيفت لاستكمال الشكل. ومن أبرز ميزاته وجود جمجمة شبه مكتملة، وهو عنصر نادر وثمين في مجال علم الحفريات.
تشتهر ديناصورات السيراتوصور بقرونها الأنفية الفريدة، وذيلها وظهرها المدرعين بعظام قوية. وكان هذا النوع من الديناصورات آكلًا للحوم، وقد عاش في مناطق سهول الفيضانات التي تشكل الغرب الأميركي حاليًا.
رحلة الهيكل من المتحف إلى المزاد
بحلول عام 2000، اقتنى متحف ماونتن أمريكا للحياة القديمة في ليهاي هذه الأحفورة النادرة، وظلت معروضة فيه لما يزيد عن عقدين من الزمن. غير أن المتحف قرر في عام 2024 بيعها إلى شركة تُدعى “فوسيلوجيك” مقابل مبلغ لم يتم الكشف عنه.
وتعود ملكية هذه الشركة إلى رجل يُدعى بروك سيسون، الذي بدأ عمله في المتحف ذاته عندما كان في سن المراهقة.
وبعد حصول شركته على الهيكل، قامت بتركيبه وتجهيزه للعرض في المزاد العلني، والذي أُقيم لاحقًا في دار سوذبيز.
اقرا ايضا:
«جسم جليدي» اكتشاف عالم جديد غامض في نظامنا الشمسي
ترتيب سيراتوصور بين أغلى الحفريات في التاريخ
بهذا السعر المرتفع، دخل هيكل سيراتوصور قائمة أغلى الحفريات التي بيعت على الإطلاق. ففي المركز الأول، تأتي أحفورة “أبيكس”، وهي أكبر عينة معروفة لديناصور ستيجوصور، والتي بيعت في مزاد العام الماضي مقابل 44.6 مليون دولار لصالح الملياردير كينيث غريفين.
أما المركز الثاني، فيحتله الهيكل الشهير للديناصور “ستان” من نوع تيرانوصور ريكس، والذي بيع في دار كريستيز عام 2020 مقابل 31.8 مليون دولار.
جدل في الأوساط العلمية
ورغم الحماس الجماهيري لهذا البيع، فإن بعض علماء الحفريات أبدوا قلقهم من الاتجاه المتزايد نحو خصخصة الحفريات النادرة وبيعها في المزادات.
وصرّح أندريه لوجان، رئيس جمعية علوم الحفريات التطبيقية، لصحيفة “نيويورك تايمز”، بأن هذا السعر المرتفع قد يُمثّل تحديًا ماليًا لمجتمع علماء الحفريات، لا سيما الذين يعملون في القطاع التجاري أو المؤسسات البحثية.
وتساءل لوجان: “هل ستبدأ المتاحف في النظر إلى هذه الحفريات الموجودة على أراضٍ خاصة كمصدر محتمل لتحقيق أرباح؟”، مشيرًا إلى أن هذا المجال كان يُنظر إليه سابقًا على أنه “أرض مقدسة”، لكن بيع هذه الأحفورة غيّر هذا التصور.
من جانبها، دافعت كاساندرا هاتون، نائبة الرئيس ورئيسة قسم العلوم والتاريخ الطبيعي في دار سوذبيز، عن بيع الأحفورة، مؤكدةً أن المالك الجديد يعتزم إعارتها إلى متحف، مما قد يتيح فرصًا جديدة لدراستها وفهمها.
وقالت هاتون: “لقد ظل هذا الديناصور محفوظًا في مؤسسة خاصة طوال ثلاثين عامًا، ولم تتم دراسته علميًا خلال تلك الفترة. ربما تكون هناك الآن فرصة حقيقية لإجراء دراسات علمية عليه”.

الأهمية العلمية والتعليمية
رغم الجدل، يبقى لهذا الهيكل العظمي أهمية علمية كبرى، لا سيما أنه يُمثل النموذج الوحيد المعروف لصغير سيراتوصور. وإذا ما تحقق وعد المالك الجديد بإعارته لمؤسسة أكاديمية أو متحف علمي، فقد تُتاح للباحثين فرصة نادرة لدراسة هذا الكائن الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، مما يُسهم في تعميق فهمنا لتطور الديناصورات والنظم البيئية التي عاشت فيها.