أثار القصف الإسرائيلي على مجمع ناصر الطبي في خان يونس يوم الاثنين جدلاً واسعاً بعدما أدى إلى مقتل خمسة صحافيين وأكثر من عشرين فلسطينياً، بينهم مدنيون ومسعفون.
وفي الوقت الذي أصدر فيه الجيش الإسرائيلي بياناً يزعم فيه استهداف عناصر من «حماس» خلال العملية، أكدت مصادر ميدانية فلسطينية مطلعة أن البيان مليء بـ«الأكاذيب» والمغالطات.
تناقضات في رواية الجيش الإسرائيلي حول قصف مجمع ناصر الطبي
زعم الجيش أنه قتل ستة فلسطينيين ينتمون إلى حركة «حماس»، إلا أن المصادر أوضحت أن ثلاثة على الأقل منهم قتلوا في أماكن وأوقات مختلفة، لا علاقة لها بمجزرة مجمع ناصر الطبي.
من بين هؤلاء عمر كمال أبو تيم، أحد عناصر «كتائب القسام» الذي اغتيل قبل يومين في وسط خان يونس ولم يُنتشل جثمانه حتى الثلاثاء، إضافة إلى محمد أبو هداف، الناشط في «الجهاد الإسلامي»، الذي قُتل في غارة على خيمة بمواصي القرارة قبل ساعات من الهجوم على مجمع ناصر، بينما قتل الثالث في حادث مختلف لا يمت بصلة للقصف المذكور.
جدل حول «الكاميرا» المزعومة
في تحقيقه الأولي، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه رصد كاميرا قال إنها تابعة لعناصر «حماس» قرب المستشفى.
لكن المصادر الفلسطينية أكدت أن الكاميرا ليست سوى كاميرا مراقبة عادية يستخدمها أمن المستشفى لمتابعة النشاطات الداخلية ومنع السرقات، مشددة على أن مداها لا يتجاوز محيط مجمع ناصر الطبي ولا يمكن أن تشكل تهديداً عسكرياً.
استهداف الصحافيين والمسعفين
وفقاً للمصادر الميدانية، كان الصحافي حسام المصري، المتعاقد مع وكالة أنباء دولية، أول من تعرض للقصف وأصيب معه أحد المواطنين، فيما نجا الصحافي حاتم عمر من الهجوم الأول.
لاحقاً، وأثناء تجمع الصحافيين والمسعفين والدفاع المدني لإنقاذ المصابين، شنّت الطائرات الإسرائيلية غارة ثانية على نفس الموقع، ما أسفر عن مجزرة جديدة استهدفت بالدرجة الأولى المدنيين وفرق الإنقاذ.
الهدف الحقيقي للهجوم
تشير إفادات الشهود والمصادر المحلية إلى أن ترتيب الأحداث يثبت أن القصف كان موجهاً نحو الموقع نفسه بشكل مباشر، وليس نحو أشخاص بعينهم كما ادعت إسرائيل.
وبحسب هذه الروايات، فإن غالبية الأسماء التي زعمت إسرائيل أنها استهدفتها لم تكن أهدافاً عسكرية، بل كانت متواجدة للمساعدة في إنقاذ الجرحى بعد الضربة الأولى، ما يعزز الاتهامات بأن البيان العسكري الإسرائيلي محاولة لتبرير عملية استهداف عشوائية.
تكرار السيناريو الإسرائيلي
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لإسرائيل أن أعلنت استهداف قادة من «حماس» أو «الجهاد الإسلامي»، لينتهي الأمر بسقوط عدد كبير من النساء والأطفال، وأحياناً تتراجع لاحقاً عن بياناتها بعد ثبوت عدم دقتها.
وهو ما يعزز المخاوف من أن البيانات العسكرية تستخدم أحياناً كغطاء لتبرير استهداف مناطق مدنية مكتظة بالسكان.
تداعيات الحادثة
الهجوم على مجمع ناصر الطبي، الذي يعد أحد أكبر المرافق الصحية في قطاع غزة، أثار موجة غضب محلي ودولي واسع، وسط دعوات لفتح تحقيق مستقل وشفاف حول استهداف المستشفيات والصحافيين.
ويؤكد الحقوقيون أن مثل هذه الضربات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، خصوصاً أن المستشفيات والصحافيين يتمتعون بحماية خاصة في أوقات النزاعات المسلحة.
اقرأ ايضًا…جدل في فرنسا بعد اتهام مدير متنزه بمنع فتية إسرائيليين من دخول المنتزه لأسباب أمنية