اتهمت الولايات المتحدة الصين بشن حملة تجسس واسعة النطاق وهجمات سيبرانية متكررة تستهدف مؤسساتها العسكرية، في قضية جديدة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الأمنية والسياسية الأميركية. القضية الأخيرة تمحورت حول جينتشاو وي المعروف أيضاً باسم “باتريك وي”، وهو شاب أميركي بالتجنس خدم في البحرية الأميركية، ويواجه الآن اتهامات خطيرة قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.

تفاصيل القضية.. تسريب معلومات عسكرية حساسة
بحسب تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست الأميركية، فإن مكتب المدعي العام للمقاطعة الجنوبية بولاية كاليفورنيا وجه الأسبوع الماضي 6 اتهامات رسمية إلى وي (25 عاماً)، من بينها:
التجسس
التآمر على ارتكاب أعمال تجسس
التصدير غير المشروع لمعلومات سرية
ورغم تبرئته من تهمة الاحتيال في التجنيس، فإن بقية الاتهامات تكفي لتهديد مستقبله، إذ قد يواجه عقوبة السجن مدى الحياة عند صدور الحكم في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
كيف تم الاختراق؟
كشفت التحقيقات أن وي، الذي كان يخدم على متن سفينة الهجوم البرمائية “يو إس إس إسيكس” (LHD-2) من فئة “واسب”، حصل على أكثر من 12 ألف دولار خلال فترة 18 شهراً (من مارس/آذار 2022 حتى أغسطس/آب 2023) مقابل تسليم معلومات عسكرية حساسة لضابط استخبارات صيني كان يلقبه بـ”الأخ الأكبر آندي”.

ووفقاً للائحة الاتهام، سلّم وي ما يصل إلى 60 دليلاً فنياً وميكانيكياً سرياً عن السفن الأميركية، إضافة إلى تفاصيل دقيقة حول تدريبات مشاة البحرية (المارينز) وأعدادها قبيل مناورات عسكرية وشيكة.
ما جعل القضية أكثر تعقيداً هو ما كشفته المجلة من أن والدة المتهم كانت وراء تشجيعه على التعاون مع الجانب الصيني، معتبرة أن ذلك قد يفتح له الباب للعمل مستقبلاً في وظيفة حكومية بالصين، رغم أنه كان في الوقت ذاته يخضع لإجراءات الحصول على الجنسية الأميركية.
قضايا تجسس أخرى تكشف اتساع الظاهرة
القضية الحالية ليست سوى جزء من سلسلة اتهامات مشابهة خلال السنوات الأخيرة. ومن أبرزها:
مارس/آذار 2023: وزارة العدل الأميركية توجه اتهامات إلى جنديين أميركيين (جيان تشاو ولي تيان) والجندي السابق رويو دوان بجمع معلومات حساسة عن المركبات القتالية “برادلي” و”سترايكر” لصالح الصين.
2023: ضابط الصف وينهنغ تشاو (المعروف باسم توماس تشاو) أقر بذنبه في قضيتي رشوة وتآمر، بعد تسريب معلومات عن الرادارات الأميركية في قواعد أوكيناوا باليابان. وقد حصل على نحو 14,800 دولار مقابل ذلك، وحُكم عليه في يناير/كانون الثاني 2024 بالسجن 27 شهراً وغرامة مالية قدرها 5 آلاف دولار.
اقرأ أيضًا:
تنديد دولي متصاعد بـ حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة وسط تفاقم المجاعة
وترى الولايات المتحدة أن هذه الحوادث ليست معزولة، بل تمثل جزءاً من حملة تجسس ممنهجة تشنها بكين ضد الجيش الأميركي، بالتوازي مع هجمات سيبرانية متكررة تستهدف البنية التحتية الحساسة داخل الأراضي الأميركية.
بكين تنفي وترد
في المقابل، سارعت وزارة الخارجية الصينية إلى نفي الاتهامات، ووصفتها بأنها “عارية من الصحة”، متهمة واشنطن بـ”تسييس القضايا الأمنية” في إطار الصراع المتصاعد بين القوتين العظميين.
تكشف قضية “باتريك وي” عن أبعاد خطيرة للتجسس الصيني داخل المؤسسة العسكرية الأميركية، حيث يواجه الجيش الأميركي تحديات متزايدة لحماية أسراره التكنولوجية والعسكرية. وبينما تصر واشنطن على أن بكين تدير حملة تجسس منظمة تستهدف أمنها القومي، تؤكد الصين أن هذه الاتهامات مجرد ادعاءات سياسية. لتبقى القضية جزءاً من المواجهة الاستراتيجية الأوسع بين الولايات المتحدة والصين، والتي لم تعد تقتصر على الاقتصاد والتجارة، بل امتدت إلى الأمن القومي والمجال العسكري.