أعلنت النيابة العامة في باريس عن توقيف مشتبهين اثنين على خلفية السرقة الجريئة التي استهدفت مجموعة من المجوهرات التاريخية داخل متحف اللوفر، وذلك بعد أسبوع من وقوع الجريمة التي هزّت فرنسا وأثارت تساؤلات حول إجراءات الأمن في المتاحف الوطنية.
وأكدت المدعية العامة لور بيكو لوكالة الأنباء الألمانية أن أحد المشتبهين أوقف في مطار شارل ديغول أثناء استعداده لمغادرة البلاد، فيما تم توقيف الآخر في منطقة باريس الكبرى مساء السبت، وقد أودعا الحبس الاحتياطي بتهم تتعلق بالسرقة ضمن عصابة منظمة.
ووفق مصادر قضائية، لا يزال اثنان آخران من أفراد العصابة المزعومين فارين عن العدالة. وتشير التقارير إلى أن الموقوفين في الثلاثين من العمر ومعروفان لدى أجهزة الشرطة الفرنسية بسوابق جنائية.

الحمض النووي يقود إلى المتهمين
كشفت تقارير إعلامية فرنسية، من بينها قناة «بي إف إم تي في» وإذاعة «فرانس إنفو»، أن آثار الحمض النووي التي عُثر عليها في مسرح الجريمة كانت الدليل الحاسم الذي قاد المحققين إلى المشتبهين.
كما أفادت مجلة «باريس ماتش» بأن أحد الموقوفين الذي أوقف في المطار كان يعتزم السفر إلى الجزائر، في محاولة للهروب من البلاد بعد أيام قليلة من السرقة.
وانتقدت المدعية العامة تسريب المعلومات إلى وسائل الإعلام قبل الإعلان الرسمي، معتبرة أن ذلك أعاق سير التحقيق وأربك جهود فرق البحث.
وأشارت بيكو إلى أن التحقيقات ما زالت جارية بمشاركة نحو مائة محقق من مختلف الإدارات الأمنية المتخصصة، في محاولة لاستعادة المجوهرات المسروقة وتحديد هوية جميع المتورطين.

عملية سرقة دقيقة وخاطفة
بحسب تفاصيل القضية، فإن عملية السرقة جرت صباح 19 أكتوبر بطريقة احترافية تُظهر تخطيطًا مسبقًا ودقة في التنفيذ.
فقد أوقف اللصوص شاحنة تحمل رافعة شوكية قرب الجدار الخارجي لمتحف اللوفر الواقع في قلب العاصمة الفرنسية، واستخدم اثنان منهم الرافعة للصعود إلى قاعة العرض التي تضم مجوهرات من مجموعة التاج الفرنسي، تُقدّر قيمتها الإجمالية بنحو 88 مليون يورو.
وبعد تحطيم نافذة القاعة وصناديق العرض الزجاجية، تمكن المجرمون من الفرار حاملين ثماني قطع ثمينة على متن دراجتين ناريتين كبيرتين، في عملية لم تستغرق أكثر من ثماني دقائق فقط.

وتشير التحقيقات إلى أن الجناة تركوا خلفهم أدلة مادية مهمة، من بينها قفازات، وخوذ، ومنشاران كهربائيان، وسترة صفراء، وأجهزة اتصال لاسلكي، بالإضافة إلى تاج الإمبراطورة أوجيني الذي سقط أثناء السرقة وتعرض لأضرار تحتاج إلى ترميم.
التحقيقات تتسع والمجوهرات ما تزال مفقودة
تتولى فرقة مكافحة الإجرام والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية التحقيق في القضية، حيث تم جمع أكثر من 150 عينة من الحمض النووي والبصمات من موقع الجريمة.
وتُظهر كاميرات المراقبة المثبتة داخل متحف اللوفر وخارجه مسار فرار اللصوص، كما تم تتبعهم عبر صور التقطتها كاميرات عامة وخاصة على الطرق السريعة ومحطات الوقود والبنوك والشركات في محيط باريس.
ومع ذلك، لا تزال المجوهرات مفقودة حتى الآن، وتخشى السلطات أن يكون اللصوص قد شرعوا في تفكيك قطع الألماس والأحجار الكريمة وصهر المعادن الثمينة التي تزيّنها، وهو ما سيجعل استعادتها شبه مستحيلة.

ردود فعل رسمية ومخاوف بشأن أمن المتاحف
وجّه وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز تهانيه إلى المحققين الذين قال إنهم “عملوا بلا كلل كما طلبت منهم، وحظوا بثقتي الكاملة”، مشيدًا بسرعة تقدم التحقيقات.
وفي مقابلة مع صحيفة «لاتريبيون ديمانش»، عبّر نونيز عن أمله في استعادة المجوهرات المسروقة من متحف اللوفر، لكنه لم يُخفِ قلقه من أن تكون قد نُقلت إلى خارج البلاد، قائلًا: “للأسف، كثيرًا ما يتم تخزين الغنائم في الخارج، وآمل ألا يكون هذا هو الحال”.
كما أعلنت وزارة الثقافة الفرنسية عن فتح تحقيق إداري تشرف عليه المفتشية العامة للشؤون الثقافية، لمراجعة الإجراءات الأمنية في متحف اللوفر وتقييم أسباب الخلل الذي سمح بوقوع واحدة من أكثر السرقات جرأة في تاريخ المتاحف.
اقرأ ايضًا…من هو المتبرع الغامض؟… ملياردير يضخ 130 مليون دولار لسداد رواتب الجنود الأميركيين
