أثارت قمة ألاسكا التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة الماضي، موجة واسعة من ردود الفعل في الأوساط الإعلامية الغربية، التي رأت أن الزعيم الروسي خرج منها “المنتصر الأكبر”، بينما خسر ترامب الكثير من رصيده السياسي، في حين اعتبر الأوكرانيون أنفسهم الخاسر الأبرز.
الإعلام الغربي: بوتين عاد إلى موسكو من ثمة ألاسكا منتصرًا
اتفقت معظم وسائل الإعلام الغربية على أن بوتين تمكن من استغلال قمة ألاسكا كمنصة دعائية، من خلال ظهوره على قدم المساواة مع رئيس أكبر قوة عالمية، وعودته إلى روسيا محملاً بمكاسب سياسية ورمزية، رغم كونه مطلوبًا لـ المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب مزعومة على خلفية ترحيل أطفال من أوكرانيا.

وعددت هذه الوسائل مظاهر ما وصفته بـ”انتصار بوتين” في ألاسكا:
يوم كامل تحت الأضواء العالمية.
مكانة متساوية مع زعيم دولة عظمى.
استقبال رسمي وحفاوة سياسية.
العودة دون الحاجة إلى القبول بوقف إطلاق النار.
مكافأة دعائية ضخمة بفضل الصور واللقاءات الإعلامية.
وأكدت أن الإعلام الروسي سيستغل صور بوتين وهو يبتسم داخل سيارة الرئاسة الأميركية “كاديلاك وان” أو “السيارة الوحش”، للترويج لانتصاره لأسابيع قادمة.
بوتين يتجنب العقوبات القاسية
من أبرز ما لفتت إليه وسائل الإعلام الغربية، أن بوتين استطاع الإفلات من عقوبات اقتصادية جديدة كانت تُهدد روسيا قبل أسبوعين فقط، وكان من شأنها أن تستهدف قطاع النفط الحيوي وتشدد الخناق على اقتصاد موسكو.
وبذلك، اعتبر المراقبون أن القمة وفرت للرئيس الروسي “طوق نجاة سياسي” في لحظة حساسة.
ترامب: الخاسر الواضح رغم سعيه للأضواء
في المقابل، وصفت وسائل الإعلام الغربية ترامب بالخاسر، بعدما قدم لبوتين منصة سياسية عالمية دون أن يحصل على مقابل ملموس.
فقد أعلن ترامب قبل قمة ألاسكا أنه لن يكون راضيًا إذا لم ينجح في إقناع روسيا بوقف إطلاق النار، إلا أنه فشل في تحقيق ذلك الهدف.
مع ذلك، أشارت تقارير إلى أن الرئيس الأميركي لن ينظر إلى الأمر كخسارة، إذ حقق ما يسعى إليه بالفعل: الاهتمام الإعلامي واللحظات التلفزيونية التي تعزز صورته أمام الرأي العام.
زيلينسكي والأوكرانيون: الخاسر الأكبر
اعتبرت الصحافة الغربية أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ومعه الشعب الأوكراني، هم الخاسرون الأكبر من قمة ألاسكا، حيث لم تتم دعوتهم إلى طاولة المفاوضات، فيما تستمر الهجمات الجوية الروسية، من قصف وصواريخ وطائرات مسيّرة، ما يعني المزيد من الضحايا المدنيين.
وأشعلت الصور القادمة من قمة ألاسكا غضبًا واسعًا على شبكات التواصل الاجتماعي في أوكرانيا، إذ اعتبر كثيرون أن القمة تمثل “تجاهلًا لمعاناتهم المستمرة”.

فن سياسي ساخر يلخص المشهد
في تعبير فني لافت، نشر الفنان الأوكراني البارز نيكيتا تيتوف صورة رمزية استبدل فيها ربطة العنق الحمراء الشهيرة لترامب بـ”المطرقة” إلى جانب “المنجل”، في إشارة إلى تحالف غير معلن مع روسيا، الأمر الذي لقي تفاعلًا واسعًا داخل أوكرانيا وخارجها.
اقرأ أيضًا:
عرض روسي مثير للجدل في قمة ألاسكا.. التنازل عن بعض المطالب مقابل السيطرة على دونيتسك
رأت وسائل إعلام غربية أن ترامب لو كان جادًا في إنهاء الحرب وتقليل معاناة المدنيين، لكان لجأ إلى وسائل أكثر فاعلية من القمم الدبلوماسية “غير الحاسمة”.
ومن بين تلك الوسائل، طرح فرض عقوبات ثانوية على قطاع النفط الروسي والشركات المتعاملة معه، وهو ما كان سيدفع بوتين للتفكير جديًا في تقديم تنازلات، على حد وصفها.
قمة مثيرة للجدل ومكاسب روسية واضحة
في المحصلة، تُجمع معظم التقييمات الغربية على أن قمة ألاسكا منحت بوتين انتصارًا سياسيًا ورمزيًا كبيرًا، فيما خرج ترامب خاسرًا في نظر الدبلوماسية الغربية، أما أوكرانيا فهي الضحية المستمرة لغياب اتفاق واضح ينهي الحرب.