توحّدت الأصوات العربية والإسلامية، اليوم الإثنين، في القمة العربية الإسلامية الطارئة التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة “قمة الدوحة”، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف الأراضي القطرية، وللتأكيد على أن السيادة الوطنية والأمن الإقليمي خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها.
وشارك في قمة الدوحة عدد من قادة الدول العربية والإسلامية، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، حيث شكّلت القمة محطة مفصلية لإعادة صياغة موقف موحد ضد الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في المنطقة، خاصة في ظل استمرار الحرب على غزة وتصاعد التوترات الإقليمية.
أمير قطر قي قمة الدوحة: العدوان استهدف إفشال الوساطة وقطع طريق السلام
أكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمته أن إسرائيل تمارس “سياسات إرهابية عنصرية”، وتسعى لفرض وقائع جديدة عبر تقسيم الدول وإضعاف المنطقة.

وأشار إلى أن الهجوم الأخير استهدف مقراً معروفاً لقادة حركة حماس كانوا يدرسون فيه ورقة أمريكية نقلت عبر قطر ومصر، ما يكشف – على حد وصفه – أن “إسرائيل أرادت إفشال المفاوضات عبر استهداف المفاوض نفسه”.
وشدد على أن الحرب الإسرائيلية على غزة تحولت إلى حرب إبادة، واصفاً العدوان على قطر بـ”الإرهاب الجبان”، مؤكداً أن بلاده ستدافع عن سيادتها وستتخذ كل ما يلزم للتصدي للعدوان.
مصر: الغطرسة الإسرائيلية تهدد الأمن الإقليمي والدولي
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد خلال كلمة قوية له بـ قمة الدوحة أن “الانفلات الإسرائيلي والغطرسة المتزايدة” يشكلان خطراً مباشراً على استقرار المنطقة. واعتبر أن الاعتداء على الأراضي القطرية انتهاك جسيم للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ودعا السيسي إلى إنشاء آلية عربية إسلامية للتشاور ومواجهة التحديات، مؤكداً أن “رسالتنا واضحة: لن نقبل بالاعتداء على سيادة دولنا”. كما شدد على أن الاعتراف الفوري بدولة فلسطين هو السبيل الوحيد لتحقيق حل الدولتين، محذراً من أي مقترحات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
الأردن: قرارات عملية لمواجهة التطرف الإسرائيلي
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شدد على ضرورة أن تخرج قمة الدوحة بـ”قرارات عملية” لوقف الحرب على غزة ومنع تهجير الشعب الفلسطيني. وأكد أن أمن قطر هو أمن الأردن، مشدداً على أن “الرد على العدوان يجب أن يكون واضحاً وحاسماً”.
كما حذر من أن تمادي إسرائيل في أفعالها ناتج عن “سماح المجتمع الدولي لها بأن تكون فوق القانون”.
فلسطين: لا شراكة مع حكومة الاحتلال المتطرفة
الرئيس الفلسطيني محمود عباس أدان “الاعتداء الغاشم” على قطر، مؤكداً أن أي مساس بدولة عربية أو إسلامية هو مساس بالجميع.
وطالب خلال كلمته بـ قمة الدوحة بموقف عربي وإسلامي موحد، وبمحاسبة إسرائيل على جرائمها، قائلاً إن “مفتاح الأمن والاستقرار يكمن في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
العراق: دعوة لتشكيل تحالف إسلامي واسع
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وصف الاعتداء على قطر بأنه “تصعيد خطير وانتهاك للقانون الدولي”، واقترح إصدار موقف عربي إسلامي موحد يدين العدوان، وتشكيل تحالف إسلامي واسع لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. كما دعا إلى إنشاء مجموعة اتصال عربية إسلامية للتوجه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة.
تركيا: الردع الاقتصادي السبيل لوقف العدوان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر من أن العدوان الإسرائيلي “يشكل تهديداً مباشراً للمنطقة ويجب وقفه فوراً”. ودعا إلى ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل، مؤكداً أن “الردع الاقتصادي أثبت فعاليته”، ومشيراً إلى أن بلاده على استعداد لتقاسم خبراتها في مجالات الصناعات الدفاعية.
مواقف داعمة من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اعتبر أن استهداف قطر “فاق كل الحدود وتجاوز كل مبدأ إنساني”، محذراً من أن ما تفعله إسرائيل “يدمر كل أساس للتعايش السلمي”.
الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه أكد أن القمة فرصة لاتخاذ موقف موحد ضد العدوان “الآثم”، داعياً مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته ومساءلة إسرائيل.
لبنان وسوريا واليمن: تضامن وتحذيرات
الرئيس اللبناني جوزيف عون دعا للتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بموقف موحد يطرح سؤالاً واحداً: “هل تريد إسرائيل سلاماً عادلاً ودائماً؟”.
الرئيس السوري أحمد الشرع اعتبر أن استهداف المفاوض والوسيط “من نوادر التاريخ”، مؤكداً تضامن سوريا مع قطر.
رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي شدد على أن الأمن العربي والإسلامي كل لا يتجزأ، داعياً إلى مقاربة ثلاثية تشمل الحل العادل للقضية الفلسطينية، ودعم مؤسسات الدول، ومكافحة الجماعات الإرهابية.
اقرأ أيضًا:
أمير قطر: نتنياهو يحلم بفرض نفوذ إسرائيلي على المنطقة وهذا وهم خطير
موقف موحد ورسالة إلى العالم
أجمعت كلمات القادة على أن العدوان الإسرائيلي على قطر يشكل سابقة خطيرة تهدد الأمن الإقليمي والدولي، وأن الرد يجب أن يكون موحداً وقوياً، وأكد المشاركون أن القضية الفلسطينية تبقى جوهر الصراع، وأن الاعتراف بدولة فلسطين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.
قمة الدوحة التي وصفت بأنها الأكثر توحداً منذ سنوات، بعثت برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي: أن العالمين العربي والإسلامي يقفان صفاً واحداً في مواجهة السياسات الإسرائيلية، وأن أي مساس بسيادة دولة عربية أو إسلامية سيُعتبر اعتداءً على الجميع.