قبل أيام قليلة من انطلاق النسخة الأولى من بطولة كأس العالم للأندية بالنظام الجديد بمشاركة 32 فريقًا، يجد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) نفسه أمام تحدٍ غير متوقع: مدرجات خاوية في مباراة الافتتاح، واضطرار لتخفيض أسعار التذاكر بشكل كبير، وسط حملة دعائية مكثفة لمحاولة جذب الجماهير.
تذاكر كأس العالم للأندية
وتُقام البطولة في الولايات المتحدة بين 14 يونيو/حزيران و13 يوليو/تموز 2025، بمشاركة أندية من مختلف القارات. وتجمع مباراة الافتتاح بين إنتر ميامي الأميركي، بقيادة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، ونادي الأهلي المصري، أحد أنجح الفرق الأفريقية، على ملعب “هارد روك” في ميامي، الذي يتسع لأكثر من 65 ألف متفرج.

لكن صحيفة نيويورك تايمز كشفت عن أن آلاف المقاعد لا تزال غير مباعة للمواجهة المرتقبة، رغم اقتراب موعدها. وأفادت نقلاً عن مصادر مطلعة أن “الفيفا” كان يخشى في الأسابيع الأخيرة من أن عدد الحضور قد لا يتجاوز 20 ألف متفرج، إلا أن الاتحاد الدولي نفى ذلك، مؤكداً أن “الأرقام أعلى بكثير” دون تقديم تفاصيل دقيقة.
أسعار التذاكر… من 349 دولاراً إلى 55 فقط
انخفاض الإقبال دفع المنظمين إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة، بتخفيض أسعار التذاكر للمرة الثانية، إذ بلغ سعر أرخص تذكرة حالياً 55 دولاراً، مقارنة بـ349 دولاراً بعد سحب قرعة البطولة في ديسمبر/كانون الأول، و230 دولاراً في يناير/كانون الثاني. حتى في مايو/أيار الماضي، كانت التذاكر تُعرض بسعر مضاعف.
وتأمل “الفيفا” أن تنجح هذه التخفيضات، بالتوازي مع الحملة الترويجية، في ملء المقاعد خلال المباراة الافتتاحية.
ريال مدريد وبوكا جونيورز يقودان الحضور الجماهيري
في المقابل، تحظى مباريات ريال مدريد بإقبال كبير، حيث تبدأ أسعار تذاكر مباراته ضد باتشوكا المكسيكي من 132 دولاراً، وتصل إلى 310 دولار لمواجهة الهلال السعودي، و253 دولاراً لمباراة سالزبورغ النمساوي.
أما مواجهة بوكا جونيورز الأرجنتيني مع بايرن ميونخ الألماني، فقد شهدت بدورها طلباً مرتفعاً بفضل القاعدة الجماهيرية الكبيرة للأرجنتينيين في ميامي، وبلغ سعر التذكرة الأرخص حالياً 136 دولاراً.
مباريات بأسعار رمزية… ومدرجات شبه فارغة
ورغم ذلك، فإن العديد من مباريات كأس العالم للأندية الأخرى تعاني من ضعف الإقبال، مع تراجع أسعار التذاكر لمستويات غير مسبوقة. فمباراة ريفر بليت ضد أوراوا ريد دايموندز الياباني تُعرض تذاكرها بدءاً من 24 دولاراً فقط، بينما يمكن مشاهدة مباراة باريس سان جيرمان ضد بوتافوغو البرازيلي مقابل 33 دولاراً.
وتتراوح أسعار مباريات أخرى بين 26 و40 دولاراً، كمواجهات بنفيكا ضد أوكلاند، وبالميراس ضد الأهلي، وأولسان ضد صن داونز، وصن داونز ضد فلومينينسي، ما يعكس صعوبة الفيفا في اختراق السوق الأميركية على مستوى الأندية.
إنفانتينو: لسنا قلقين
رغم المؤشرات المثيرة للقلق، يصر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو على أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. وقال في تصريحات سابقة خلال أبريل/نيسان الماضي: “لست قلقاً على الإطلاق بشأن مبيعات التذاكر. رأينا جماهير تملأ الملاعب الأميركية في مباريات ودية واستعراضية، فكيف سيكون الحال عندما تُلعب مباريات من أجل شيء حقيقي؟”.
غياب الكبار يطرح علامات استفهام
وتسلط شبكة “ريليفو” الإسبانية الضوء على سبب آخر محتمل وراء التراجع الجماهيري، وهو غياب أندية كبرى عن كأس العالم للأندية مثل برشلونة، ليفربول، ونابولي – أبطال الدوريات الإسباني والإنجليزي والإيطالي على التوالي في الموسم الماضي – عن البطولة.
اقرأ أيضًا:
ريال مدريد والأندية العربية في كأس العالم للأندية.. سجل حافل متنوع بين الندية والهيمنة
واعتبرت الشبكة أن غياب هذه الأندية عن أهم بطولة كروية للأندية في العام “أمر غريب للغاية”، يشبه غياب منتخبات مثل ألمانيا أو البرازيل عن كأس العالم، لكنه ناتج عن نظام التأهل المعقد الذي لا يتيح الكثير من المرونة.
واقترحت “ريليفو” مجموعة من الحلول لتجنب تكرار هذا السيناريو، من بينها تغيير توقيت البطولة إلى فصل الشتاء، وتوسيع فترة الاختيار لتشمل العام الحالي بدلاً من المواسم السابقة، بالإضافة إلى إمكانية توجيه دعوات خاصة لبعض الأندية الكبرى.
مستقبل البطولة على المحك
رغم الوعود والطموحات، يبدو أن كأس العالم للأندية في نسختها الجديدة تواجه اختباراً صعباً في أول ظهور بنظامها الموسع. وستكون الأيام والأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الجماهير الأميركية ستستجيب لنداء كرة القدم العالمية، أم أن الفيفا سيضطر لمراجعة خططه وتسويقه مجدداً.