لم يكن أكثر المتفائلين في كازاخستان يتوقع أن يرى نادي كايرات ألماتي، أحد أقدم وأشهر أندية البلاد، واقفاً بين كبار القارة في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا.
الإنجاز التاريخي جاء ليُنهي سنوات طويلة من الغياب عن الساحة القارية، ويجعل النادي ثاني فريق كازاخستاني يصل إلى هذه المرحلة بعد نادي آستانة موسم 2015-2016.
كايرات ألماتي ورحلة شاقة من الأدوار التمهيدية حتى الملحق
بدأ كايرات مشواره الأوروبي من الدور التمهيدي الأول، متجاوزاً أندية من سلوفينيا وفنلندا وسلوفاكيا، قبل أن يواجه التحدي الأكبر في الدور الفاصل أمام سيلتيك الاسكتلندي صاحب التاريخ العريق والألقاب الأوروبية.
مباراتا الذهاب والإياب انتهتا بالتعادل السلبي، ليُحسم التأهل بركلات الترجيح. هناك برز الحارس الشاب تيميرلان أناربيكوف، البالغ من العمر 21 عاماً، بعدما تصدى لثلاث ركلات حاسمة أمام مايدا وإيداه وماكاون، ليمنح فريقه بطاقة العبور التاريخية إلى دور المجموعات.
حارس شاب يتحول إلى بطل قومي
صحيفة «ليكيب» الفرنسية وصفت أناربيكوف بأنه “البطل القومي الجديد”، مؤكدة أن تألقه في أصعب لحظات الملحق جعل الجماهير تحتفي به كرمز وطني.
ورغم أن الفريق لم تتجاوز نسبة استحواذه في المباراة الأخيرة 33 في المائة، إلا أن صلابته الدفاعية وتماسك خطوطه مهدت لهذا الإنجاز غير المسبوق.
ليلة أسطورية تعيد رسم خريطة دوري الأبطال
أما صحيفة «لا غازيتا ديلو سبورت» الإيطالية فقد وصفت ما حدث في ألماتي بأنه “ليلة أسطورية”، مشيرة إلى أن المدينة الواقعة على بُعد 6900 كيلومتر من باريس أصبحت المحطة الأكثر بُعداً في تاريخ دوري الأبطال.
الصحيفة أبرزت أن كايرات تجاوز عقبات مالية وتنظيمية كبيرة، مؤكداً أن الطموح والتخطيط الجيد قادران على كسر حدود الجغرافيا.
صدى عالمي واتساع رقعة المنافسة
صحيفة «أس» الإسبانية بدورها شددت على أن تأهل كايرات ألماتي يرمز إلى اتساع رقعة كرة القدم الأوروبية، حيث بات دوري الأبطال يحتضن مدناً جديدة لم يكن لها أي حضور سابق على الخريطة الكروية.
الصحيفة اعتبرت أن ما تحقق لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة استراتيجية إدارية متكاملة ورؤية واضحة لنادٍ تأسس عام 1954، وكان يحمل سابقاً اسم «كايرات ألماآتا» خلال الحقبة السوفياتية.
تاريخ طويل وجماهيرية عريضة
كايرات ألماتي ليس غريباً على كرة القدم الأوروبية. فقد مثل كازاخستان في الدوري السوفياتي الممتاز لسنوات طويلة، وعقب استقلال البلاد عام 1991 أصبح أحد الأعمدة الرئيسية في الدوري المحلي.
النادي حصد لقب الدوري الكازاخستاني مرتين (2004 و2020)، وتُوّج بكأس كازاخستان عشر مرات، ليصبح الأكثر تتويجاً في هذه البطولة.
وتتمتع جماهيره بشعبية كبيرة في مدينة ألماتي، العاصمة السابقة وأكبر مدن البلاد، حيث يرمز اسم النادي في اللغة الكازاخية إلى “القوة” أو “المتانة”.
سبق للنادي أن خاض منافسات أوروبية عديدة، أبرزها مشاركته في دوري المؤتمر الأوروبي موسم 2021-2022، حين واجه فرقاً أوروبية قوية مثل بازل وكارباغ، وهو ما منح لاعبيه خبرة مهمة ساعدتهم على التعامل بثقة أمام سيلتيك في الملحق الأوروبي.
إنجاز يتجاوز الرياضة
وسائل الإعلام الكازاخية والعالمية رأت أن تأهل كايرات ألماتي لا يمثل مجرد إنجاز رياضي، بل يحمل دلالات سياسية وثقافية.
النادي القادم من قلب آسيا الوسطى أصبح رمزاً للتقارب بين أوروبا وآسيا في كرة القدم، وجذب أنظار الإعلام العالمي إلى كازاخستان.
الجماهير خرجت إلى شوارع ألماتي للاحتفال حتى ساعات الصباح الأولى، واصفة ما حدث بـ”المعجزة الرياضية”.
الصحافة الأوروبية أكدت أن دخول أندية من كازاخستان والنرويج وقبرص إلى دور المجموعات يغير الصورة التقليدية لدوري الأبطال، الذي لم يعد حكراً على أندية إنجلترا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، بل بات أكثر تنوعاً وثراءً، يعكس روح العولمة الرياضية.
محطة تاريخية بغض النظر عن النتائج
ينتظر كايرات ألماتي الآن قرعة دور المجموعات لمواجهة عمالقة أوروبا من الصف الأول. ورغم صعوبة المهمة المقبلة، فإن النادي ضمن لنفسه مكانة راسخة في تاريخ كرة القدم الأوروبية.
وكما كتبت «لا غازيتا ديلو سبورت»: “الليلة الكازاخستانية دخلت أساطير دوري الأبطال”، فيما علقت «ليكيب» قائلة: “من قلب آسيا انبثق فريق كتب فصلاً جديداً في رواية كرة القدم الأوروبية”.
اقرأ ايضًا…تشيلسي يدرس التعاقد مع فيرمين لوبيز لتعزيز خط الوسط الهجومي