في مشهد عسكري مهيب يعكس تصاعد القوة العسكرية لكوريا الشمالية، شهد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عرضًا عسكريًا ضخمًا أقيم في ساحة كيم إيل سونغ بالعاصمة بيونغ يانغ، بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس حزب العمال الكوري الحاكم، بحضور عدد من القادة والمسؤولين الأجانب، من أبرزهم رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف.

وخلال العرض، كشفت كوريا الشمالية عن أحدث ما توصلت إليه ترسانتها النووية، بما في ذلك صاروخ باليستي جديد عابر للقارات يُعتقد أنه يستعد لاختبار ميداني خلال الأسابيع المقبلة، في خطوة يرى فيها المراقبون تأكيدًا على تصميم بيونغ يانغ على ترسيخ مكانتها كقوة نووية عالمية لا يُستهان بها.
اقرأ أيضًا
ترامب: سأزور مصر قريبًا لحضور توقيع اتفاق غزة النهائي
هواسونغ 20.. أقوى نظام أسلحة استراتيجية
وأعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أن العرض تضمن الكشف عن الصاروخ الجديد الذي يحمل اسم “هواسونغ 20″، وُصف بأنه “أقوى نظام أسلحة استراتيجية نووية” في تاريخ البلاد، مشيرةً إلى أنه لم يُختبر بعد.
كما استعرض الجيش الكوري مجموعة من الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، وصواريخ كروز أسرع من الصوت، والتي قالت بيونغ يانغ سابقًا إنها قادرة على توجيه ضربات نووية دقيقة ضد أهداف في كوريا الجنوبية واليابان، بل وحتى ضد القواعد الأمريكية في المحيط الهادئ.
رسالة كيم:جيشنا سيظل قوة لا تُقهر
وفي كلمة ألقاها الزعيم كيم جونغ أون خلال العرض، شدّد على أن جيشه “يجب أن يستمر في التطور ليصبح قوة لا تُقهر قادرة على القضاء على أي تهديد خارجي”، دون أن يذكر الولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية بالاسم.

وأكد أن الشعب الكوري يقف خلف جيشه بكل قوة، مشيدًا بما وصفه بـ”وحدة العمليات الخارجية التي لا تُقهر”، في إشارة إلى القوات الكورية التي يُعتقد أنها أُرسلت لدعم الجهود الروسية في أوكرانيا.
حضور صيني وروسي يعزز محور بيونغ يانغ
وحظي العرض بحضور رفيع المستوى من بكين وموسكو، في مشهد يعكس التنامي الواضح للتقارب السياسي والعسكري بين كوريا الشمالية وحليفيها التاريخيين.
ويأتي ذلك بعد أسابيع قليلة من ظهور كيم إلى جانب الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين في بكين خلال عرض عسكري مماثل، ما يعزز فرضية تشكّل محور جديد في آسيا لموازنة النفوذ الأمريكي.
احتمال لقاء أمريكي – كوري شمالي جديد
وفي الوقت نفسه، نقلت وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية عن مسؤولين في سيول قولهم إن هناك احتمالًا قائمًا لعقد اجتماع بين واشنطن وبيونغ يانغ على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) المقررة في كوريا الجنوبية، في مؤشر إلى عودة الدبلوماسية النووية إلى الواجهة بعد سنوات من الجمود.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد التقى كيم جونغ أون ثلاث مرات خلال ولايته الأولى، غير أن المفاوضات بين الجانبين فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن نزع السلاح النووي. ومنذ ذلك الحين، تؤكد بيونغ يانغ أنها “دولة نووية لا رجعة فيها”، رافضةً أي تنازل عن قدراتها العسكرية الاستراتيجية.
ويرى مراقبون أن العرض العسكري الأخير ليس مجرد استعراض للعتاد، بل رسالة سياسية متعددة الاتجاهات؛ إذ يؤكد تصميم كوريا الشمالية على الاحتفاظ بسلاحها النووي كورقة ردع وضمان بقاء النظام، بالتوازي مع توجيه رسالة تحدٍ للولايات المتحدة وحلفائها في آسيا.
وفي الوقت ذاته، تسعى بيونغ يانغ إلى تعزيز صورتها كـ”قوة إقليمية صاعدة” قادرة على فرض معادلات جديدة في المنطقة، مستفيدةً من تحالفها المتنامي مع الصين وروسيا وسط توترات دولية متصاعدة.