تقدر فاتورة الإصلاح وإعادة الإعمار في لبنان ما بعد الصراع بحوالي 11 مليار دولار، وقد كشف تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان “تقييم الأضرار والاحتياجات السريع لعام 2025” عن حجم الدمار الذي خلَّفه الصراع في لبنان، حيث تُقدَّر تكلفة إعادة الإعمار والتعافي بنحو 11 مليار دولار. التقرير، الذي أُعد بناءً على طلب الحكومة اللبنانية، يسلط الضوء على الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية والاقتصاد، مع توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.1% خلال عام 2024.
لبنان ما بعد الصراع.. الأضرار والخسائر
وفقاً للتقرير، بلغت التكلفة الاقتصادية الإجمالية للصراع 14 مليار دولار، موزعة بين 6.8 مليار دولار كأضرار مادية مباشرة، و7.2 مليار دولار كخسائر اقتصادية ناجمة عن تراجع الإنتاجية والإيرادات الضائعة. ويُعتبر قطاع الإسكان الأكثر تضرراً، حيث بلغت الأضرار فيه 4.6 مليار دولار، يليه قطاعات التجارة والصناعة والسياحة التي تكبدت خسائر تقدر بـ3.4 مليار دولار.

المناطق الأكثر تضرراً
من الناحية الجغرافية، كانت محافظتا النبطية والجنوب الأكثر تأثراً بالصراع، تليهما محافظة جبل لبنان، التي تضم ضاحية بيروت الجنوبية. هذه المناطق تشهد دماراً واسعاً في البنية التحتية والسكن، مما يزيد من تعقيد عملية التعافي في لبنان ما بعد الصراع.
التمويل المطلوب ودور القطاعين العام والخاص
يقدر التقرير أن 3 إلى 5 مليارات دولار ستكون مطلوبة من القطاع العام، منها مليار دولار مخصصة لإصلاح البنية التحتية في قطاعات الطاقة والنقل والمياه والصرف الصحي. في المقابل، سيحتاج القطاع الخاص إلى توفير 6 إلى 8 مليارات دولار، ستوجه بشكل رئيسي إلى قطاعات الإسكان والتجارة والصناعة والسياحة.
تداعيات اقتصادية كارثية
أشار التقرير إلى أن الصراع أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، حيث بلغ الانخفاض التراكمي في الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2019 نحو 40%. وقد أدى ذلك إلى تعميق الركود متعدد الأبعاد الذي تعاني منه البلاد، مع تأثيرات سلبية طويلة الأمد على آفاق النمو الاقتصادي.
تم إعداد التقرير بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان وعدد من منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات التنموية. واعتمد على منهجية هجينة تجمع بين البيانات الأرضية والاستشعار عن بُعد، بما في ذلك صور الأقمار الاصطناعية وبيانات الهواتف المحمولة وتحليلات وسائل التواصل الاجتماعي. هذه المنهجية، المعتمدة عالمياً، تهدف إلى توجيه عمليات التخطيط لإعادة الإعمار والتعافي في مراحل ما بعد الكوارث والنزاعات.
خارطة طريق للتعافي
يُعد تقرير البنك الدولي بمثابة خارطة طريق للحكومة اللبنانية والجهات الدولية المانحة، حيث يحدد الأولويات والاحتياجات الفعلية للبلاد. ومع ذلك، تبقى التحديات كبيرة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة وتراجع الثقة الدولية في قدرة لبنان على إدارة عملية التعافي.
لبنان ما بعد الصراع يقف اليوم على مفترق طرق، حيث تتطلب إعادة الإعمار جهوداً جبارة وتعاوناً دولياً واسعاً. ومع تقديرات تكلفة تصل إلى 11 مليار دولار، تبرز الحاجة إلى تمويل مستدام وفعال لضمان تعافي البلاد من آثار الصراع وإعادة بناء مستقبل أفضل لشعبها.
اقرأ أيضًا:
الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة تتكلف 53 مليار دولار وتستغرق 5 سنوات