توفي البابا فرنسيس اليوم الاثنين، بالتزامن مع عيد الفصح، وذلك بعد يوم واحد فقط من لقائه بنائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، في لقاء وصف بالمحرج، وشهد توتراً واضحاً بسبب الخلاف حول سياسات الهجرة.
وجرى اللقاء يوم أحد الفصح في “دوموس سانتا مارتا” بالفاتيكان، حيث تبادل الطرفان التهاني بالعيد، لكن الحوار بين البابا، البالغ من العمر 88 عامًا، وفانس، الذي اعتنق الكاثوليكية، اتسم بالفتور، خاصة بعد انتقادات البابا المتكررة لمعاملة إدارة ترامب للمهاجرين.
لقاء البابا فرنسيس الأخير
وفي اليوم السابق، تجاهل البابا لقاء فانس، وأحاله إلى اجتماع مع وزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، ورئيس الأساقفة بول غالاغر، في خطوة فُهمت على أنها رسالة دبلوماسية حذرة.
ورغم أن الفاتيكان وصف اللقاء بين البابا وفانس بأنه “مقتضب” ولم يتجاوز بضع دقائق، فقد حرص فرنسيس على تقديم ثلاث بيضات شوكولاتة لأطفال فانس، بالإضافة إلى مسبحة وربطة عنق من الفاتيكان.
وخلال وداعه، قال فانس للبابا: “أعلم أنك لست في أفضل حال، لكن من الجيد رؤيتك بصحة أفضل. شكرًا على استقبالك لي”.
ووصل موكب فانس إلى الفاتيكان عبر بوابة جانبية أثناء قداس عيد الفصح، الذي ترأسه كاردينال نيابةً عن البابا. وبعد اللقاء القصير، توجه فانس إلى كنيسة القديس بولس خارج الأسوار لحضور القداس مع عائلته وزيارة قبر القديس بولس.

اقرأ أيضًا
حقيقة الاستعداد لجنازة “البابا فرنسيس” وتطورات حالته الصحية
الخلاف بين البابا وفانس
الخلاف بين البابا وفانس يعود إلى فبراير الماضي، عندما وجه فرنسيس انتقادات لاذعة لخطط الترحيل الجماعي التي تتبناها إدارة ترامب، محذرًا من أنها تمس كرامة المهاجرين.
وفي رسالة إلى الأساقفة الأمريكيين، بدا البابا وكأنه يرد مباشرة على فانس، الذي سبق وادعى أن العقيدة الكاثوليكية تبرر تلك السياسات.
ورغم اعترافه بانتقادات البابا، أكد فانس عزمه على مواصلة الدفاع عن مواقفه. وكان قد أشار في كلمة ألقاها خلال إفطار الصلاة الكاثوليكي الوطني في 28 فبراير إلى أنه “كاثوليكي صغير السن”، ولا يزال يتعلم عن الإيمان.
وفي لقائه يوم السبت مع الكاردينال بارولين ورئيس الأساقفة غالاغر، ناقش فانس عدة قضايا، منها واقع الكاثوليكية في الولايات المتحدة، ومعاناة المجتمعات المسيحية المضطهدة، وتعهد إدارة ترامب بإحلال السلام العالمي.

أما الفاتيكان، فحرص على التعبير عن مواقفه بحذر، مجددًا التزامه بمبادئ الحياد الدبلوماسي، رغم قلقه من السياسات الأمريكية تجاه المهاجرين وتقليص المساعدات الدولية، إلى جانب دعوته لحلول سلمية للصراعات في أوكرانيا وغزة.
وقد أمضى فانس عيد الفصح في روما مع عائلته، وشارك في قداس الجمعة العظيمة في كاتدرائية القديس بطرس، عقب لقائه برئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
يُذكر أن فانس، الذي اعتنق المسيحية في عام 2019، يُعد من أبرز المنتمين إلى تيار “ما بعد الليبرالية” الكاثوليكي، الذي يُتهم أحياناً بامتلاك نزعات رجعية واستبدادية. ويقوم هذا التيار على فكرة “الثورة المضادة”، عبر السعي للسيطرة على مؤسسات الدولة والجامعات تحت شعار “الصالح العام”.
وقد برر فانس مواقفه تجاه المهاجرين بمفهوم “Ordo Amoris” من اللاهوت الكاثوليكي في العصور الوسطى، الذي ينظم أولويات الحب بدءًا من الأسرة والمجتمع المحلي. لكن البابا فرنسيس رد في رسالته بأن المحبة المسيحية “ليست توسعًا مركزيًا للمصالح”، بل “أخوة منفتحة على الجميع دون استثناء”، مستشهدًا بمثل السامري الصالح.

وفي ختام اللقاء، أشار بيان الفاتيكان إلى أن المحادثات جرت في أجواء ودية، مع التأكيد على القضايا الإنسانية واللاجئين، وعبّر عن ارتياحه لالتزام إدارة ترامب بحرية الدين والضمير.
كما شدد البيان على أهمية التعاون المستمر بين الدولة والكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة، مشيدًا بخدمتها للفئات الأكثر ضعفًا، رغم الخلافات السياسية، ووسط اتهامات وجهها فانس لمؤتمر الأساقفة الكاثوليك بإعادة توطين المهاجرين مقابل تمويل فيدرالي، وهي اتهامات رفضها كبار الكرادلة الأمريكيين بشكل قاطع.