بهدف احتواء الحرب بين إيران وإسرائيل، تشهد الساحة الدولية حراكًا سياسيًا ودبلوماسيًا مكثفً وسط تحذيرات متزايدة من احتمالية توسع النزاع وتحوله إلى حرب إقليمية شاملة تُهدد استقرار المنطقة بأكملها.
وفي هذا السياق، عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن بالغ قلقه إزاء استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف داخل الأراضي الإيرانية، والتي – بحسب تعبيره – “لا تمتّ بصلة للبرنامج النووي أو الصاروخي الإيراني”.
وأكد ماكرون أن تصاعد حدة العنف المتبادل ينذر بتبعات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة.
مبادرة فرنسية لاحتواء الحرب بين إيران وإسرائيل
وأوعز ماكرون إلى وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو بإطلاق مبادرة دبلوماسية عاجلة بالتنسيق مع الشركاء الأوروبيين، تهدف إلى بلورة مقترح لحل تفاوضي شامل يمكن أن يضع حدًا لهذا النزاع المتصاعد.
كما شدد الرئيس الفرنسي، في بيان صدر عن قصر الإليزيه عقب اجتماع لمجلس الدفاع والأمن القومي، على ضرورة “الوقف الفوري لكافة العمليات العسكرية”، داعيًا إلى التحرك لتأمين خروج المواطنين الفرنسيين من كل من إيران وإسرائيل حرصًا على سلامتهم.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية لقناة الجزيرة إن اللجوء إلى الخيار العسكري لحل أزمة الملف النووي الإيراني “أمر غير ممكن”، مطالبًا إسرائيل بالاعتماد على الحلول الدبلوماسية.
كما أكد المتحدث أن “أي محاولة خارجية لتغيير النظام في إيران تُعدّ خطأً استراتيجيًا فادحًا”.
الأمين العام للأمم المتحدة
وفي تحذير أممي واضح، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع الأطراف إلى التراجع عن أي خطوات قد تؤدي إلى تصعيد عسكري إضافي في النزاع القائم.
وقال في بيان رسمي إن “أي تدخل عسكري جديد ستكون له تداعيات خطيرة ليس فقط على الأطراف المتورطة بشكل مباشر، وإنما على المنطقة برمتها وعلى السلام والأمن الدوليين”.
وأوضح المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، أن المقصود بـ”تدويل النزاع” هو دخول أطراف ودول جديدة على خط المواجهة، في وقت يواصل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تبني موقف متردد بشأن دعم الضربات الإسرائيلية ضد إيران.
اقرأ أيضًا:
45 عامًا من الصراع.. من ثورة طهران إلى الانفجار الكبير بين إسرائيل وإيران
الصين تعرب عن قلقها العميق إزاء تطورات النزاع
على صعيد متصل، تكثفت الدعوات الدولية للتهدئة وتغليب لغة الحوار. فقد أعلن الديوان الأميري في قطر أن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ناقشا خلاله سبل خفض التصعيد بين إيران وإسرائيل، مؤكدَين على أهمية حل الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية.
من جانبها، أعربت الصين عن قلقها العميق إزاء تطورات النزاع واحتمالية خروجه عن السيطرة. وخلال مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اعتبر وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن “السلوك الإسرائيلي الذي ينتهك القانون الدولي بشكل صارخ تسبب في تدهور مفاجئ وخطير في الأوضاع”.
وأكد وانغ على ضرورة التحرك السريع لتفادي انزلاق المنطقة إلى “هاوية مجهولة المصير”. كما أرسل وانغ رسالة مماثلة إلى نظيره العماني، شدد فيها على أن بكين ومسقط “لا يمكنهما البقاء مكتوفي الأيدي أمام هذا التصعيد الخطير”.
وهاجمت الخارجية الصينية الرئيس ترامب، متهمة إياه بـ”صب الزيت على النار”، ودعت مواطنيها لمغادرة كل من إيران وإسرائيل على الفور.
ومنذ فجر الجمعة، تشن إسرائيل غارات جوية مكثفة ضد أهداف داخل إيران، استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت نووية، وأدت إلى مقتل عدد من كبار القادة والعلماء الإيرانيين.
وردّت طهران على هذا التصعيد بإطلاق صواريخ ومسيّرات استهدفت مدينتي حيفا وتل أبيب، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى داخل إسرائيل، وإغلاق مطار بن غوريون الدولي نتيجة الهجمات.