أثارت تسريبات إسرائيلية جدلاً واسعاً بعد أن أشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر توجيهات بعدم المضي في تمديد اتفاق الغاز الضخم مع مصردون مراجعته شخصياً.
التسريبات التي كشفت عنها صحيفة إسرائيلية أوضحت أن نتنياهو كلف وزير الطاقة إيلي كوهين بدراسة جدوى المضي في الاتفاق أو تجميده، بزعم أن مصر لم تلتزم بتعهداتها بموجب اتفاقية السلام.
محللون اعتبروا أن هذه الأنباء، وإن لم تؤكد رسمياً، تأتي في إطار محاولات إسرائيلية جديدة لزيادة الضغط على مصر في ظل موقفها الصلب الرافض لتهجير الفلسطينيين.
ويرى خبراء أن تلويح تل أبيب بورقة الطاقة ليس سوى خطوة رمزية تهدف إلى خلق ضغوط داخلية وخارجية، خصوصاً أن أي تراجع عن الاتفاقيات سيكلف إسرائيل خسائر اقتصادية فادحة نظراً للشروط الجزائية المرتبطة بها.
القاهرة بين الموقف الثابت وبدائل الطاقة
الموقف المصري الرسمي لم يصدر تعليقاً مباشراً على هذه التسريبات، لكن القاهرة سبق وأكدت على لسان رئيس وزرائها مصطفى مدبولي أن تمديد اتفاق الغاز الموقع منذ 2019 وحتى 2040 لن يغير من الموقف المصري الثابت تجاه القضية الفلسطينية ورفض أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني.
على الصعيد الاقتصادي، يؤكد خبراء الطاقة أن مصر باتت تمتلك بدائل كافية لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي رغم ارتفاع الطلب المحلي.
فمصر تحتاج إلى نحو 6.5 مليار متر مكعب من الغاز وتنتج 4 مليارات، لكن الفارق تتمكن من تدبيره عبر مزيج من خطوط التوريد الإقليمية وإنتاج الطاقة المتجددة وتحسين استهلاك الوقود، فضلاً عن مشروعات الربط مع قبرص الجاري العمل عليها.
ويشير المتخصصون إلى أن أي محاولة إسرائيلية لتعطيل الإمدادات ستضر تل أبيب قبل القاهرة، لأن مصر لديها القدرة على تنويع مصادر الطاقة وضمان استقرار سوقها الداخلي.
اتفاقية السلام… بين المزاعم والواقع
التحركات الإسرائيلية الأخيرة أثارت جدلاً حول مدى التزام الطرفين باتفاقية السلام الموقعة عام 1979.
الخبير العسكري الاستراتيجي اللواء سمير فرج أوضح أن مصر لم تنتهك الاتفاقية، بل إن إسرائيل هي من تخرقها بوجودها في ممر فيلادلفيا الحدودي مع غزة، وباحتلالها معبر رفح ومحور موراغ، وهو ما يمثل خرقاً مباشراً لمعاهدة السلام.
وأكد فرج أن المزاعم الإسرائيلية ليست سوى محاولة لإثارة قضايا فرعية بهدف تشتيت الانتباه عن سياساتها في غزة.
ويشير مراقبون إلى أن إسرائيل لم تتقدم بأي شكاوى رسمية للجنة مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام، ما يعزز فرضية أن التسريبات مجرد ورقة ضغط سياسي وليست قراراً عملياً قابلاً للتنفيذ.
الأزمة في غزة وتأثيرها على العلاقات المصرية الإسرائيلية
منذ اندلاع الحرب في غزة، وصلت العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى واحدة من أكثر مراحلها توتراً منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
مصر لعبت دوراً محورياً في الوساطات ووقف إطلاق النار، لكنها اصطدمت بتعنت إسرائيلي متكرر وعمليات عسكرية توسعية على حدودها الشرقية.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وصف ما يحدث في غزة بأنه «إبادة ممنهجة» تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وهو الموقف الذي كررته الخارجية المصرية في أكثر من مناسبة.
هذه المواقف دفعت إسرائيل لمحاولة استخدام ورقة الاقتصاد والغاز في إطار الضغط السياسي، إلا أن محللين يرون أن القاهرة تدرك أبعاد اللعبة جيداً ولن تسمح بأن تُستدرج إلى معارك كلامية أو ابتزاز اقتصادي.
مصر، بحسب تقديرات الخبراء، تمثل حجر زاوية في استقرار المنطقة، وما تمتلكه من أوراق سياسية واقتصادية يجعلها قادرة على امتصاص الضغوط والحفاظ على موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
اقرأ ايضًا…وزير المالية الإسرائيلي يهدد بتدمير السلطة الفلسطينية: “كما دمرنا غزة”