تعد مرحلة المراهقة من أهم الفترات في حياة الإنسان، إذ يتغير فيها الكثير من جوانب شخصيته وسلوكه، وفي هذه المرحلة، يمر المراهق بتحديات نفسية وبيولوجية تجعل من التعامل معه مهمة صعبة بالنسبة للوالدين، حيث يبحث المراهق عن استقلاليته، ويبدأ في تشكيل هويته الخاصة، مما يجعله في كثير من الأحيان يميل إلى التمرد أو العناد.
قد يُنظر إلى تصرفات المراهقين على أنها مشاكل سلوكية، لكن في الواقع هي جزء من عملية النمو الطبيعية التي يمرون بها، و فهم المراهقين يتطلب من الأهل أن يكونوا مستعدين للتعامل مع هذه التغيرات بمرونة وصبر، وبقدر ما يمكن أن تكون هذه المرحلة معقدة، فإنها تحمل أيضاً فرصاً كبيرة لبناء علاقة قوية ومستدامة بين المراهق وأسرته، ولكن التحدي يكمن في كيفية توجيه المراهقين وتعليمهم المسؤولية، بينما يتم منحهم في الوقت نفسه المساحة اللازمة لاكتشاف أنفسهم واتخاذ قراراتهم.

التعامل مع الأبناء خلال مرحلة المراهقة
الاستماع الجيد
المراهقون في حاجة إلى أن يشعروا بأنهم مسموعون ومفهومون، بدلاً من الانشغال بإعطاء الأوامر أو النصائح فقط، يجب على الأهل أن يكونوا مستعدين للاستماع إلى ما يشعر به المراهق أو ما يفكر فيه، هذه الطريقة تساعد على بناء الثقة والتقارب.
الاحترام المتبادل
المراهق في هذه المرحلة يبدأ في الشعور بحاجته إلى الاستقلالية، لذا، بدلاً من فرض الرأي أو الإملاء عليه، ينبغي محاولة مناقشة الأمور بشكل هادئ، بحيث يشعر المراهق بأن له رأياً وله الحق في اتخاذ القرارات، مع تقديم التوجيهات اللازمة.
التفاهم والصبر
من المهم أن يتحلى الأهل بالصبر في التعامل مع المراهقين، فهم في مرحلة اختبار لحدودهم ومهاراتهم في اتخاذ القرارات، قد يرتكبون أخطاء، وهذا جزء طبيعي من تعلمهم، المفتاح هنا هو التوجيه والتعليم من خلال التجربة بدلاً من اللوم أو العقاب المتكرر.

تحديد الحدود بوضوح
رغم أهمية الاستقلالية، يجب أن يكون هناك حدودًا واضحة من الوالدين، بحيث يعرف المراهق ما هو مقبول وغير مقبول في سلوكه، ووضع هذه الحدود يحتاج إلى وضوح ودقة، مع تفسير الأسباب وراء هذه القواعد، حتى يتمكن المراهق من فهمها بشكل أفضل.
تشجيع الحوار المفتوح
تشجيع المراهقين على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم دون خوف من الانتقاد يساعد في بناء علاقة صحية معهم، فعندما يشعر المراهق أن لديه بيئة آمنة للتحدث، يكون أكثر استعدادًا للاستماع إلى النصائح والتوجيهات.
القدوة الصالحة
المراهقون يتأثرون بشكل كبير بما يرونه من حولهم، فإذا كان الأهل يتصرفون بشكل ناضج ومتوازن، فإن ذلك يعزز لديهم فكرة أهمية التصرف بطريقة مسؤولة، النموذج الجيد يمكن أن يكون أداة قوية للتعليم والتوجيه.
المرونة في التعامل
المراهقون ليسوا نسخًا متماثلة، وكل منهم يمر بتجارب ومواقف مختلفة، لذا يجب أن يكون الأهل مرنين في استراتيجياتهم التربوية، ويقومون بتعديل أساليبهم بناءً على شخصية كل مراهق واحتياجاته.
إقرأ أيضًا:
« التحفيز الكهربائي للدماغ».. ثورة في علاج اضطرابات الأكل وفقدان الوزن
ما يشعر به الأبناء خلال مرحلة المراهقة
الاختلاط بين الاستقلالية والحاجة إلى الدعم
المراهقون غالباً ما يشعرون برغبة قوية في الاستقلالية والتحرر من القيود التي فرضها عليهم الوالدان، ويريدون أن يكون لهم آراؤهم الخاصة وقراراتهم المستقلة، مما يؤدي إلى رغبتهم في إثبات أنهم قادرون على العيش بشكل منفصل. في نفس الوقت، يشعرون أحياناً بالحاجة الشديدة إلى الدعم العاطفي والتوجيه من والديهم، مما يخلق نوعاً من التوتر الداخلي بين الرغبة في الحرية وبين الشعور بالحاجة إلى الأمان والدعم.
القلق والضغط النفسي
مرحلة المراهقة تكون محملة بالكثير من القلق بسبب التغيرات الكبيرة التي يمر بها الجسم والعقل، فيبدأ المراهقون في التفكير في مستقبهم، وأحياناً يشعرون بضغط كبير لتحقيق النجاح في الدراسة أو الرياضة أو أي مجال آخر، كما يواجهون ضغطاً اجتماعياً ليكونوا “مقبولين” من أقرانهم، ما يخلق لديهم مخاوف من الفشل أو الرفض.
الهوية والبحث عن الذات
في مرحلة المراهقة، يسعى الأبناء إلى اكتشاف هويتهم الشخصية، ويبدأون في تحديد من هم وما يريدون أن يكونوا عليه. هذا قد يشمل تجربة أفكار جديدة، وقيم مختلفة، وحتى التغيير في أسلوب حياتهم أو مظهرهم.
قد يشعرون أحياناً بالحيرة أو الارتباك في تحديد مكانتهم في العالم، مما يسبب لهم شعوراً بعدم اليقين والضياع.
التقلبات المزاجية
بسبب التغيرات الهرمونية الكبيرة في هذه المرحلة، يعاني العديد من المراهقين من تقلبات مزاجية مفاجئة، قد يمرون من مشاعر الفرح إلى الحزن أو الغضب بشكل سريع، مما قد يشعرهم بالعجز عن التحكم في مشاعرهم، في كثير من الأحيان، يمكن أن تؤثر هذه التقلبات على تعاملهم مع الأهل والأصدقاء.