في خطوة توصف بأنها اختراق طبي عالمي، تمكن فريق من العلماء من مساعدة مريض مصاب بداء السكري من النوع الأول على استعادة قدرته على إنتاج الأنسولين بنفسه، وذلك بعد خضوعه لعملية زرع خلايا بنكرياسية معدلة وراثيًا، وهي المرة الأولى التي ينجح فيها هذا النوع من العمليات على البشر.
ويعد هذا الإنجاز بمثابة بارقة أمل لملايين المرضى حول العالم، إذ أنه قد يمهد الطريق لعلاج جذري وفعّال دون الحاجة المستمرة إلى الأدوية المثبطة للمناعة أو الحقن اليومية بالأنسولين.
خلفية عن المرض والعلاج التقليدي
يُعتبر السكري من النوع الأول مرضًا مناعيًا ذاتيًا، حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجزر في البنكرياس، المسؤولة عن إنتاج الأنسولين.
وعلى مدار العقود الماضية، ظل العلاج التقليدي يعتمد على الحمية الغذائية الدقيقة وحقن الأنسولين المنتظمة.
إلا أن الاتجاهات الحديثة في الأبحاث ركزت على محاولات استبدال الخلايا التالفة بخلايا سليمة وقادرة على أداء وظيفتها الطبيعية.
التحدي الأكبر في هذه المحاولات كان دائمًا رفض الجهاز المناعي للخلايا المزروعة، ما يفرض على المرضى تناول أدوية مثبطة للمناعة لمدى الحياة، مع ما تحمله من آثار جانبية خطيرة.
تفاصيل التجربة الرائدة
التجربة الحديثة، التي أجريت على رجل يبلغ من العمر 42 عامًا عاش مع المرض منذ طفولته، اعتمدت على زرع خلايا جزرية مأخوذة من متبرع سليم، جرى حقنها في عضلة الساعد.
وخلال 12 أسبوعًا فقط، بدأت هذه الخلايا في إنتاج الأنسولين استجابةً لارتفاع مستوى السكر في الدم بعد الوجبات، من دون الحاجة إلى أي أدوية مثبطة للمناعة.
ويكمن سر هذا النجاح في استخدام تقنية “كريسبر” للتعديل الجيني، حيث أُدخلت ثلاثة تعديلات رئيسية: اثنان منها لتقليل العلامات التي تستهدفها الخلايا التائية، والتعديل الثالث لتعزيز إنتاج بروتين CD47 الذي يعمل كدرع وقائي ضد هجوم الجهاز المناعي الفطري.
وأظهرت النتائج أن الخلايا المعدلة بهذه الطريقة فقط استطاعت البقاء والقيام بوظيفتها بشكل كامل، في حين فشلت الخلايا غير المعدلة أو تلك التي تضمنت تعديلات جزئية.
آفاق مستقبلية للعلاج
نُشرت نتائج هذه التجربة في مجلة “نيو إنغلاند الطبية”، واعتبرها الخبراء خطوة مفصلية في علاج السكري من النوع الأول.
ويؤكد العلماء أن هذا النهج يمكن أن يفتح الباب أمام تطوير علاجات أكثر أمانًا وفعالية، ليس فقط لمرضى السكري، وإنما أيضًا لمرضى آخرين بحاجة إلى زراعة خلايا أو أنسجة، من دون التعرض لمخاطر مثبطات المناعة.
وإذا أثبتت التجارب الموسعة نجاحها على نطاق أكبر، فإن الطب قد يكون على أعتاب ثورة جديدة في علاج الأمراض المزمنة عبر حلول جينية مبتكرة.
اقرأ ايضًا…صفقة دفاعية تهز سوق الانتقالات بين ليفربول وريال مدريد