في زمن تكثر فيه الأعمال الدرامية التي تتسابق في استعراض تقنيات السرد الحديثة، يخرج “مراهق العائلة “مسلسل Adolescence” من رحم المعتاد، ليقدم تجربة فنية شديدة التميز، شكلًا ومضمونًا، على منصة نتفليكس. يتكون العمل من أربع حلقات فقط، لكنه ينجح في ترك أثر نفسي واجتماعي عميق، بفضل أسلوب تصويره الجريء ورسائله القوية.
مسلسل Adolescence.. دراما اللقطة الواحدة ومأساة رقمية
اعتمد مسلسل Adolescence على تقنية “اللقطة الواحدة”، حيث تم تصوير كل حلقة دون أي قطع أو مونتاج، ما منح المشاهد شعورًا متواصلًا بالتوتر والواقعية الوثائقية. هذه التجربة البصرية الفريدة لم تكن مجرد استعراض فني، بل جاءت لخدمة قصة صادمة تسلط الضوء على الفوضى الرقمية التي يعيشها الأطفال والمراهقون في ظل غياب الرقابة.

طفل يتحول إلى قاتل.. والسبب في جيب كل مراهق
تدور أحداث المسلسل البريطاني حول عائلة “ميلر”، التي تنهار حياتها حين يُلقى القبض على ابنها المراهق جيمي ميلر (13 عامًا) بتهمة قتل زميلته كيتي ليونارد. وخلال أربع حلقات، يستعرض العمل تداعيات الجريمة على الأسرة والمجتمع، كاشفًا عن التشوهات التي خلفتها مفاهيم الرجولة المسمومة، والضغط الذي تمارسه وسائل التواصل الاجتماعي على سلوكيات المراهقين.
الواقعية القاسية تبدأ من أول مشهد
في الحلقة الأولى من مسلسل Adolescence، نشهد اقتحام الشرطة لمنزل العائلة في بلدة يوركشاير، في مشهد مشحون بالعنف والدهشة. يتم اعتقال جيمي من غرفته، في حين تصدم الأسرة بسير التحقيقات القاسية. المشاهد تُنقل دون انقطاع، مانحة المشاهد تجربة وثائقية ثقيلة الظل، تعكس قسوة الواقع الذي تعيشه الأسر عندما تتحول التكنولوجيا إلى سلاح.
التنمر الإلكتروني وجرائم المدرسة
أما الحلقة الثانية، فتدور في أروقة مدرسة جيمي وكيتي، حيث تتعمق الرواية في فوضى الهواتف الذكية، والعنف اللفظي المنتشر عبر تطبيقات مثل “سناب شات”. يكشف العمل عن قاموس خاص بالتنمر بين الطلاب، يستخدم للإهانة والإقصاء، ويعري هشاشة الرقابة المدرسية في فهم هذا العالم السري الذي يعيشه المراهقون.
جلسة نفسية وغوص في ذهن قاتل
في الحلقة الثالثة، ينتقل المشاهد إلى غرفة مغلقة في مصحة نفسية، حيث تخضع شخصية جيمي لتقييم من قبل طبيبة نفسية، في مشهد حواري ممتد ومشحون بالعواطف. تتكشف أمام المشاهد أفكار مشوهة عن الرجولة، ونظرة عدائية تجاه النساء، تولدت من التفاعل المستمر مع محتوى الإنترنت السام.
الضحية ليست فتاة فقط بل عائلة بأكملها
الحلقة الرابعة ترصد آثار الجريمة على عائلة ميلر بعد مرور عام. الأسرة تجد نفسها محاصرة بالوصمة الاجتماعية، وسط محاولات فاشلة للصمود أو الهروب. في المقابل، تظهر الابنة الكبرى كبوصلة نضج وواقعية، في عالم فقد توازنه الأخلاقي.
مراهق العائلة شهادة فنية على عصر رقمي مضطرب
لا يكتفي مسلسل Adolescence أو “مراهق العائلة” الذي يعرض على منصة نتفليكس على تناول قصة مؤلمة، بل يتخذ موقفًا واضحًا تجاه ما يصفه بـ”الانهيار الصامت لقيم الطفولة” تحت سطوة الإنترنت. بأسلوب درامي مشحون واستخدام ذكي للكاميرا وتقنيات الإخراج، ينجح العمل في تقديم تحذير مبطن لكل من يظن أن ما يراه أطفاله على الشاشة لا يتعدى كونه ترفيهًا عابرًا.
اقرأ أيضًا:
أبطال مسلسل هاري بوتر.. الثلاثي الذهبي بمدرسة هوغوراتس ما زالوا مفقودين