أثار ظهور مجموعات مسلحة ومقنّعة تابعة لحزب الله خلال مسيرة عاشورائية في منطقة زقاق البلاط وسط العاصمة اللبنانية بيروت، موجة واسعة من الجدل والاستنكار على المستويين السياسي والشعبي، في مشهد أعاد إلى الأذهان مشاهد الحرب الأهلية اللبنانية والفوضى الأمنية التي عصفت بالبلاد في مراحل سابقة.
مسيرة مسلحة لـ حزب الله وسط بيروت
وجاء الاستعراض المسلح بعد أيام من عرض عسكري غير مسبوق نظّمه حزب الله في إحدى مناطق جنوب لبنان، في استعراض رمزي واضح لقوته العسكرية وسط تصاعد التوترات مع إسرائيل واستمرار الغارات الجوية جنوبًا.
مجموعات مقنّعة بأسلحة رشاشة في شوارع بيروت
وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر عناصر مقنّعين ومدججين بالأسلحة الرشاشة ينتشرون في شوارع الحمرا ومحيطها، في مشهد وصفه ناشطون بأنه “استفزازي” ويخرق مبدأ احتكار الدولة لاستخدام السلاح.
الاستعراض أثار مخاوف من انزلاق البلاد مجددًا نحو مشهد الميليشيات والسلاح المتفلت، في وقت تمر فيه الدولة اللبنانية بأزمة سياسية واقتصادية حادة، تترافق مع ضغوط إقليمية ودولية متزايدة على الحزب.

رئيس الحكومة: غير مقبول وتحت أي مبرر
في أول رد رسمي، أصدر رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بيانًا حازمًا على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أكد فيه أن “الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان”.
وأضاف سلام أنه أجرى اتصالًا بوزيري الداخلية والعدل، وطالبهما بـ”اتخاذ كل الإجراءات اللازمة إنفاذًا للقوانين المرعية الإجراء، ولتوقيف الفاعلين وإحالتهم إلى التحقيق”.
دعوات متصاعدة لحصر السلاح بيد الدولة
الاستعراض المسلح سلط الضوء مجددًا على الجدل المزمن بشأن سلاح حزب الله، حيث تتزايد الضغوط الداخلية، حتى من بعض حلفاء الحزب، لحثه على تسليم سلاحه للجيش اللبناني باعتباره المؤسسة الوحيدة المخوّلة قانونًا بحمل السلاح.
وترى هذه الأطراف أن أي حل سياسي حقيقي للأزمة اللبنانية يجب أن يبدأ بحصر السلاح بيد الدولة، ووقف مظاهر التفلت الأمني والاستعراضات العسكرية التي تهدد السلم الأهلي.
مبادرة أميركية على الطاولة… ونقاش داخلي مستمر
في هذا السياق، كشفت وكالة رويترز نقلًا عن مصدرين مطلعين، أن مسؤولين لبنانيين يعكفون حاليًا على إعداد رد رسمي على خريطة طريق قدمها المبعوث الأميركي توماس باراك، تتضمن تسليم حزب الله لسلاحه على مراحل، كجزء من مبادرة لحل شامل يتضمن دعمًا اقتصاديًا وإصلاحات سياسية.
اقرأ أيضًا:
تقسيم الجولان.. تسريبات عن سيناريوهين لاتفاق سلام محتمل بين سوريا وإسرائيل
تصعيد في الجنوب… وغارات مستمرة
ميدانيًا، تستمر الغارات الإسرائيلية على مناطق في جنوب لبنان، حيث أفادت التقارير بمقتل ثلاثة عناصر من حزب الله خلال ساعات، إثر هجمات بطائرات مسيرة استهدفت مركبات في عدة قرى جنوبية.

وتبرر تل أبيب هذه الضربات بأنها تستهدف مواقع ومخازن سلاح تابعة للحزب، في وقت تستمر فيه عمليات التوغل الإسرائيلي داخل خمس نقاط حدودية في الجنوب، في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار.
هل تتحرك الدولة؟
تطرح التطورات الأخيرة سؤالًا جديًا حول مدى قدرة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها في ظل التحديات الأمنية والسياسية المعقدة. فهل تشكل هذه الحادثة نقطة تحول في تعامل الحكومة مع مظاهر السلاح غير الشرعي؟ أم أنها ستضاف إلى سلسلة من الوقائع التي تُطوى دون معالجة جذرية؟